المبحث الأول: في بيان قول الخوارج والمعتزلة أولا: ذكر قول الخوارج
...
المبحث الأول: في بيان قول الخوارج والمعتزلة
أولًا: ذكر قول الخوراج
لما كان الخوارج يرون التكفير بالذنوب ولا سيما بالكبائر منها كما تقدم لنا ذلك، واعتبروا الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه مذنبًا بتحكيمه الحكمين بينه وبين معاوية رضي الله عنه، طالبوه بالتوبة من الذنب الذي ارتكب بزعمهم، وقالوا: "لا حكم إلا لله، تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك"[1].
ولما كان علي رضي الله عنه لا يعد ذلك ذنبًا؛ وإنما هو عجز في الرأي هم سببه لم ير ما يوجب التوبة كما قال رضي الله عنه لهم: "ما هو ذنب ولكنه عجز من الرأي، وضعف من الفعل، وقد تقدمت إليكم فيما كان منه ونهيتكم عنه"[2].
ثم صرحوا بكفره واستحلوا الخروج عليه وقتاله، وأجمعوا على كفره[3] وكفر الحكمين ومن رضي بالتحكيم وقبله، وفيهم عدد كبير من الصحابة رضوان الله عنهم.
والقوم كما ذكر شيخ الإسلام وغيره؛ إنما أتوا من سوء فهمهم للقرآن، لم يقصدوا معارضته لكن فهموا منه ما لم يدل عليه فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب؛ إذ كان المؤمن هو البر التقي، قالوا فمن لم يكن برًا تقيًا؛ فهو كافر وهو مخلد في النار.
ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين؛ لأنهم حكموا بغير ما [1] ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك 5/ 72. [2] نفس المصدر 5/ 72. [3] المقالات 1/ 167.