ثانيًا: ذكر قول المعتزلة وعقيدتهم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لم يتورع بعض أئمة المعتزلة وكبراؤهم عن الوقوع في بعض الصحابة
رضوان الله عنهم، والنيل منهم والإزراء بهم؛ فلهم فيهم مذاهب باطلة، وأقوال شائنة نوجزها في الأسطر التالية:
- تفسيقهم لطوائف منهم رضوان الله عنهم، ورد شهادتهم:
من ذلك قول كبيرهم ومؤسس مذهبهم: واصل بن عطاء بفسق أحد الفريقين من أصحاب الجمل[1]، وصفين[2]، وعثمان وقاتليه، وزعم أن فرقة من الفريقين فسقة لا بأعيانهم، وأنه لا يعرف الفسقة منهما؛ فلو شهد عنده رجل من هذا الفريق، ورجل من الفريق الآخر لم يقبل شهادتهما، قال: لعلمي بأن أحدهما فاسق لا بعينه، وجلعهما بمنزلة المتلاعنين، حتى ولو كان الشاهدان عليًا وعائشة، أو عليًا وطلحة؛ فهو يقول في ذلك: "ولو شهدت عندي عائشة وعلي وطلحة على باقة بقل لم أحكم بشهادتهم"[3].
وتابع واصلًا على ذلك تلميذه عمرو بن عبيد، فقال: "لو أن عليًا وعثمان وطلحة والزبير شهدوا عندي على شراك نعل ما أجزته"[4]، وفي رواية "والله؛ لو شهد عندي علي وعثمان وطلحة والزبير على شراك نعل ما أخذت بشهادتهم"[5]. [1] أي: موقعة الجمل، وهي: معركة مشهورة جرت بين جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين المناوئين لعلي وعلى رأسهم عبد الله بن الزبير وطلحة وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم؛ وذلك سنة ست وثلاثين من الهجرة في مكان بين الكوفة والبصرة، وسميت بالجمل نسبة للجمل الذي كانت تركبه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في المعركة. راجع: البداية والنهاية 7/ 241 وما بعدها. [2] صفين: معركة جرت بين جيش علي وجيش معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما سنة 37 هـ. وصفين مكان على شاطئ نهر الفرات. راجع: البداية والنهاية 7/ 264 وما بعدها. [3] الذهبي، ميزان الاعتدال 4/ 329. [4] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 12/ 178. [5] الدارقطني، أخبار عمرو بن عبيد، ق 104/ أ، مخطوط بمكتبه الجامعة الإسلامية برقم 488.