الشريعة كلمة فما فوقها"[1].
وقال القاضي عياض: "لا خلاف أنهم -أي: الأنبياء- معصومون عن كتمان الرسالة، وعن التقصير في التبليغ"[2].
وكيف يتصور منه صلى الله عليه وسلم كتمام شيء مما أنزل عليه، وقد أمره ربه بأن يبلغه عباده، في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [3].
وما كان له صلى الله عليه وسلم أن يخالف أمر ربه، وما هو مظنة ذلك، وما هو على وحي ربه بمتهم.
ومن قال: إنه لم يبلغ منه شيئًا، أو أنه ادخر منه شيئًا لم يبلغه أو آثر به بعض أمته فقد أعظم عليه صلى الله عليه وسلم الفرية وأتى بزور من القول ومنكر. [1] الفصل في الملل والنحل [2]/ 116. [2] الشقا [2]/ 144. [3] سورة المائدة آية 67.
ثانيًا: ذكر قول بعض من غلا وأفرط في تعظيمه صلى الله عليه وسلم
لقد حذر الرسول صلى الله يه وسلم أمته من الغلو بعامة فقال: "إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو" [1]، يشير إلى أهل الكتاب الذين قال الله فيهم: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [2].
وقد تقدم في الباب الأول ذكر صور من غلوهم.
فحذر صلى الله عليه وسلم أن يصنعوا كما صنع أولئك، ونهاهم عن الغلو فيه وإطرائه ومجاوزة الحد في مدحه، كما تقدم[3]. [1] انظر: ابن أبي عاصم، السنة 98. [2] سورة المائدة آية 77. [3] انظر: ص435.