فهؤلاء هم سلف الأشعرية، وقد كانوا من جملة السلف، ثم باشروا علم الكلام، فجرهم ذلك إلى مخالفة السلف في بعض ما يقولون وموافقة المعتزلة في بعض أصولهم، وأشهر ما خالفوا فيه السلف ووافقوا فيه المعتزلة مسألة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:
فأهل السنة والجماعة: يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.
والجهمية من المعتزلة وغيرهم: تنكر هذا، وهذا. فأثبت ابن كلاب: قيام الصفات اللازمة به، ونفي أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري[1] وغيرهما"[2].
فوافق السلف والأئمة من أهل السنة في إثبات الصفات، ووافق الجهمية في نفي قيام الأفعال الاختيارية وما يتعلق بمشيئته وقدرته؛ فكان في مسلكهم ميل إلى البدع ومخالفة للسنة ومقارفة للكلام مما جعل علماء السلف من أهل السنة يحذرون منهم.
وقد كان الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة "164- 241 هـ" من أشدهم في ذلك؛ فقد هجر الحارث بن أسد المحاسبي لأجل ذلك. كما [1] أبو الحسن الأشعري رحمه الله ثبت رجوعه إلى مذهب السلف في ذلك على ما جاء في كتابي الإبانة، والمقالات. [2] درة تعارض العقل والنقل 2/ 6.