وممن مال إلى تحديد السلف بالقرون الثلاثة الدكتور محمد الجليند؛ حيث قال: "وحسمًا للموقف أرى أن لا نتخطى القرون الثلاثة الأولى للهجرة، وندعي أن هناك آراء سلفية مهما بلغ بنا حسن الظن بالمتقدمين، خاصة وأن تراثنا الإسلامي قد تعرض لهزات عنيفة ابتداء القرن الثالث الهجري وعبثت به الأهواء"[1].
وتابعه على هذا الرأي الدكتور محمود خفاجي قائلًا: "فإنني أرى أن من يحدد السلف بالصحابة والتابعين، وتابعي التابعين هو الأميل للصواب، لموافقته الأثر[2] من ناحية، ولما نجده من الاتفاق بين من يذكرون السلف بطريق الاسم من عد تابعي التابعين من السلف من ناحية أخرى3"[4].
الرابع: أن السلف هم من كانوا قبل الخمسمائة: وهذا قول البيجوري؛ فإنه قال: السلف: وهم من كانوا قبل الخمسمائة، وقيل: القرون الثلاثة والتابعون وأتباع التابعين"[5].
قال الدكتور محمود خفاجي معقبًا على ذلك: "وإذا تساءلنا عن السبب لماذا انسحب مفهوم لفظ السلف ليشمل من عاش في أو قبل القرن الخامس الهجري دون غيره؟ ذلك ما لم أجد له إجابة عند هؤلاء الذين حددوا السلف بهذا الحد"[6].
ولعل سبب ذهاب البيجوري إلى ذلك، هو رغبته إدخال أئمة الأشاعرة [1] انظر: الإمام ابن تيمية وقضية التأويل، ط. الثالثة، ص 52. [2] يشير إلى حديث عمران بن حصين وابن مسعود المتقدم.
3 كما تقدم في كلام ابن رجب والآجري. انظر: ص 98. [4] انظر: في العقيدة الإسلامية بين السلفية والمعتزلة، ط. الأولى ص 20. [5] انظر: تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد، "ط. الأولى 1403، دار الكتب"، ص 91. [6] انظر: في العقيدة الإسلامية ص 19.