responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 342
اخْتَلَفُوا فِي رُؤْيَةِ الْحَقِّ نَفْسَهُ، فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرَى نَفْسَهُ، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَرَى نَفْسَهُ، وَذَهَبَ الْكَعْبِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرَى نَفْسَهُ وَلَا غَيْرَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ النَّجَّارِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ.
فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ: أَيِ اسْتَوْلَتْ عَلَيْكُمْ وَأَحَاطَتْ بِكُمْ. وَأَصْلُ الْأَخْذِ: الْقَبْضُ بِالْيَدِ. وَالصَّاعِقَةُ هُنَا: هَلْ هِيَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ أَحْرَقَتْهُمْ، أَوِ الْمَوْتُ، أَوْ جُنْدٌ سَمَاوِيٌّ سَمِعُوا حِسَّهُمْ فَمَاتُوا، أَوِ الْفَزَعُ فَدَامَ حَتَّى مَاتُوا، أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِمْ، أَوِ الْعَذَابُ الَّذِي يَمُوتُونَ مِنْهُ، أَوْ صَيْحَةٌ سَمَاوِيَّةٌ؟ أَقْوَالٌ، أَصَحُّهَا: أَنَّهَا سَبَبُ الْمَوْتِ، لَا الْمَوْتُ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي السَّبَبِ، قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ [1] . وَأَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الصَّعْقِ كَانَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَقِيلَ: أَصَابَ مُوسَى مَا أَصَابَهُمْ، وَقِيلَ صُعِقَ وَلَمْ يَمُتْ، قَالُوا: وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ جَاءَ، فَلَمَّا أَفَاقَ فِي حَقِّ مُوسَى وَجَاءَ، ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ في حقهم، وأكثر استعماله الْبَعْثِ فِي الْقُرْآنِ بَعْثُ الْأَمْوَاتِ. وَقِيلَ: غُشِيَ عَلَيْهِمْ كَهُوَ وَلَمْ يَمُوتُوا، وَالصَّعْقُ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْمَوْتِ، وَقَالَ جَرِيرٌ:
وَهَلْ كَانَ الْفَرَزْدَقُ غَيْرَ قِرْدٍ ... أَصَابَتْهُ الصَّوَاعِقُ فَاسْتَدَارَا
وَالظَّاهِرُ أَنَّ سبب أخذ الصاعقة إياهم قَوْلُهُمْ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، إِذْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَيَسْأَلُوا الرُّؤْيَةَ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ، وَقِيلَ: سَبَبُ أخذ الصعقة إِيَّاهُمْ هُوَ غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ كُفْرِهِمْ بِمُوسَى، أَوْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ لَمَّا جَاءَهُمْ بِالتَّوْرَاةِ أَوْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ.
وَقَرَأَ عَمْرٌو عَلَى الصَّعْقَةِ، وَاسْتَعْظَمَ سُؤَالَ الرُّؤْيَةِ حَيْثُ وَقَعَ، لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا فِي الْآخِرَةِ، فَطَلَبُهَا فِي الدُّنْيَا هُوَ مُسْتَنْكَرٌ، أَوْ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ أَنْ يُزِيلَ التَّكْلِيفَ عَنِ الْعَبْدِ حَالَ مَا يَرَاهُ، فَكَانَ طَلَبُهَا طَلَبًا لِإِزَالَةِ التَّكْلِيفِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّتِ الدَّلَائِلُ عَلَى صِدْقِ الْمُدَّعِي كَانَ طَلَبُ الدَّلَائِلِ الزَّائِدَةِ تَعَنُّتًا وَلِأَنَّ فِي مَنْعِ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا ضَرْبًا مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْمُهِمَّةِ لِلْخَلْقِ، فَلِذَلِكَ اسْتُنْكِرَ.
وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ: جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَمُتَعَلِّقُ النَّظَرِ: أَخْذُ الصَّعْقَةِ إِيَّاكُمْ، أَيْ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَى مَا حَلَّ بِكُمْ مِنْهَا أَوْ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ كَيْفَ يَخِرُّ مَيِّتًا، أَوْ إِلَى الْأَحْيَاءِ، أَوْ تَعْلَمُونَ أَنَّهَا تَأْخُذُكُمْ. فَعَبَّرَ بِالنَّظَرِ عَنِ الْعِلْمِ، أَوْ إِلَى آثَارِ الصَّاعِقَةِ فِي أَجْسَامِكُمْ بَعْدَ أَنْ بُعِثْتُمْ، أَوْ يَنْظُرَ كُلٌّ مِنْكُمْ إِلَى إِحْيَاءِ نَفْسِهِ، كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ الْعُزَيْرِ، قَالُوا: حَيِيَ عُضْوًا بعد

[1] سورة الأعراف: 7/ 155.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست