responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 343
عُضْوٍ، أَوْ إِلَى أَوَائِلِ مَا كَانَ يَنْزِلُ مِنَ الصَّاعِقَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ أَنْتُمْ يُقَابِلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ دُورُ آلِ فُلَانٍ تَتَرَاءَى، أَيْ يُقَابِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِجَابَةُ السُّؤَالِ فِي حُصُولِ الرُّؤْيَةِ لَهُمْ، لَكَانَ وَجْهًا مِنْ قَوْلِهِمْ: نَظَرْتُ الرَّجُلَ، أَيِ انْتَظَرْتُهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فإنكما إن تنظراني ساعة ... مِنَ الدَّهْرِ تَنْفَعْنِي لَدَى أُمِّ جُنْدَبِ
لَكِنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَيْسَ بِمَنْقُولٍ، فَلَا أَجْسُرُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ. وَقَدْ عَدَّ صَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ هَذَا إِنْعَامًا سَادِسًا، وَذَكَرَ فِي كَوْنِهِ إِنْعَامًا وُجُوهًا: مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَالْمَقْصُودُ ذِكْرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَوْنِ ذَلِكَ إِنْعَامًا، وَهُوَ أَنَّ إِحْيَاءَهُمْ لِأَنْ يَتُوبُوا عَنِ التَّعَنُّتِ، وَلِأَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ أَلِيمِ الْعِقَابِ وَيَفُوزُوا بِجَزِيلِ الثَّوَابِ مَنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ، وَلَا تَدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا بَعْدَ أَنْ كُلِّفَ عَبَدَةُ الْعِجْلِ بِالْقَتْلِ وَلَا قَبْلَهُ. وَقَدْ قِيلَ بِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمَلَ مَعْطُوفَةٌ بِالْوَاوِ، وَالْوَاوُ لَا تَدُلُّ بِوَضْعِهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا أَحَلَّهُمُ اللَّهُ مَحَلَّ مُنَاجَاتِهِ، وَأَسْمَعَهُمْ لَذِيذَ خِطَابِهِ، اشْرَأَبَّتْ نُفُوسُهُمْ لِلْفَخْرِ وَعُلُوِّ الْمَنْزِلَةِ، فَعَامَلَهُمُ اللَّهُ بِنَقِيضِ مَا حَصَلَ فِي أَنْفُسِهِمْ بِالصَّعْقَةِ الَّتِي هِيَ خُضُوعٌ وَتَذَلُّلٌ تَأْدِيبًا لَهُمْ وَعِبْرَةً لِغَيْرِهِمْ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ. «1»
ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ، وَدَلَّ الْعَطْفُ بِثُمَّ عَلَى أَنَّ بَيْنَ أَخْذِ الصَّاعِقَةِ وَالْبَعْثِ زَمَانًا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الْمُهْلَةُ وَالتَّأْخِيرُ، هُوَ زَمَانُ مَا نَشَأَ عَنِ الصَّاعِقَةِ مِنَ الْمَوْتِ، أَوِ الْغَشْيِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي مَرَّ. وَالْبَعْثُ هُنَا: الْإِحْيَاءُ، ذُكِرَ أَنَّهُمْ لَمَّا مَاتُوا لَمْ يَزَلْ مُوسَى يُنَاشِدُ رَبَّهُ فِي إَحْيَائِهِمْ وَيَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُونَ قَتَلْتَ خِيَارَنَا حَتَّى أَحْيَاهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا رَجُلًا بَعْدَ رَجُلٍ، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ كَيْفَ يَحْيَوْنَ. وَقِيلَ: مَعْنَى الْبَعْثِ الْإِرْسَالُ، أَيْ أَرْسَلْنَاكُمْ.
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَحْيَاهُمُ اللَّهُ سَأَلُوا أَنْ يَبْعَثَهُمْ أَنْبِيَاءَ فَبَعَثَهُمْ أَنْبِيَاءَ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الْبَعْثِ: الْإِفَاقَةُ مِنَ الْغَشْيَةِ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنهم صُعِقُوا وَلَمْ يَمُوتُوا. وَقِيلَ: الْبَعْثُ هُنَا: الْقِيَامُ بِسُرْعَةٍ مِنْ مَصَارِعِهِمْ، وَمِنْهُ قَالُوا:
يَا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا [2] ؟ وَقِيلَ مَعْنَى الْبَعْثِ هُنَا، التَّعْلِيمُ، أَيْ ثُمَّ عَلَّمْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ جَهْلِكُمْ، وَالْمَوْتُ هُنَا ظَاهِرُهُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَهَذَا هُوَ الْحَقِيقَةُ، وَكَانَ إِحْيَاؤُهُمْ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ أَعْمَارِهِمْ. وَمَنْ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ غَشْيًا وَهُمُودًا كَانَ الْمَوْتُ مَجَازًا، قَالَ تَعَالَى:

(1) سورة آل عمران: 3/ 13.
[2] سورة يس: 36/ 52.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست