responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 344
وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ»
، وَالَّذِي أَتَاهُ مُقَدِّمَاتُهُ سُمِّيَتْ مَوْتًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقُلْ لَهُمْ بَادِرُوا بِالْعُذْرِ وَالْتَمِسُوا ... قَوْلًا يُبَرِّئُكُمْ إِنِّي أَنَا الْمَوْتُ
جَعَلَ نَفْسَهُ الْمَوْتَ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِلْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ إِذَا حُمِلَ الْمَوْتُ عَلَى الْجَهْلِ كَانَ مَجَازًا، وَقَدْ كَنَى عَنِ الْعِلْمِ بِالْحَيَاةِ، وَعَنِ الْجَهْلِ بِالْمَوْتِ. قَالَ تَعَالَى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ [2] ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، رَحْمَةُ اللَّهِ:
إنما النفس كالزجاجة والعلم سِرَاجٌ وَحِكْمَةُ اللَّهِ زَيْتُ
فَإِذَا أَبْصَرْتَ فَإِنَّكَ حَيٌّ ... وَإِذَا أَظْلَمْتَ فَإِنَّكَ مَيْتُ
وَقَالَ ابْنُ السَّيِّدِ:
أَخُو الْعِلْمِ حَيٌّ خَالِدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ... وَأَوْصَالُهُ تَحْتَ التُّرَابِ رَمِيمُ
وَذُو الْجَهْلِ مَيْتٌ وَهُوَ مَاشٍ عَلَى الثَّرَى ... يُظَنُّ مِنَ الْأَحْيَاءِ وَهُوَ عَدِيمُ
وَلَا يَدْخُلُ مُوسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خِطَابِ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ، لِأَنَّهُ خِطَابُ مُشَافَهَةٍ لِلَّذِينِ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، وَلِقَوْلِهِ: فَلَمَّا أَفاقَ [3] ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا فِي الْمَوْتِ. وَأَخْطَأَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي زَعْمِهِ أَنَّ مُوسَى قَدْ مَاتَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: وَفِي مُتَعَلِّقِ الشُّكْرِ أَقْوَالٌ يَنْبَنِي أَكْثَرُهَا عَلَى الْمُرَادِ بِالْبَعْثِ وَالْمَوْتِ. فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا حَقِيقَةٌ قَالَ: الْمَعْنَى لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نِعْمَتَهُ بِالْإِحْيَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَسَائِرِ نِعَمِهِ الَّتِي أَسْدَاهَا إِلَيْهِمْ، وَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَجَازًا عَنْ إِرْسَالِهِمْ أَنْبِيَاءَ، أَوْ إِثَارَتِهِمْ مِنَ الْغَشْيِ، أَوْ تَعْلِيمِهِمْ بَعْدَ الْجَهْلِ، جَعَلَ مُتَعَلِّقَ الشُّكْرِ أَحَدَ هَذِهِ الْمَجَازَاتِ. وَقَدْ أَبْعَدَ مَنْ جَعَلَ مُتَعَلِّقَ الشُّكْرِ إِنْزَالَ التَّوْرَاةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ تَوْبَتِهِ عَلَيْهِمْ وَتَفْصِيلِ شَرَائِعِهِ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَرَائِعُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نِعْمَةَ الله بعد ما كَفَرْتُمُوهَا إِذَا رَأَيْتُمْ بَأْسَ اللَّهِ فِي رَمْيِكُمْ بِالصَّاعِقَةِ وَإِذَاقَتِكُمُ الْمَوْتَ. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: إِنَّمَا بَعَثَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي دَارِ الدُّنْيَا لِيُكَلِّفَهُمْ وَلِيَتَمَكَّنُوا مِنَ الْإِيمَانِ وَمِنْ تَلَافِي مَا صَدَرَ عَنْهُمْ مِنَ الْجَرَائِمِ. أَمَّا أَنَّهُ كَلَّفَهُمْ، فَلِقَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. وَلَفْظُ الشُّكْرِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الطَّاعَاتِ لِقَوْلِهِ: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً [4] ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتُلِفَ فِي بَقَاءِ تَكْلِيفِ مَنْ أعيد بعد موته،

(1) سورة ابراهيم: 14/ 17.
[2] سورة الأنعام: 6/ 122.
[3] سورة الأعراف: 7/ 143.
[4] سورة سبأ: 34/ 13.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست