responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 592
يَتْلُونَهُ خَبَرًا عَنْهُ، وَصَحَّ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَدَّرَةً إِمَّا مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ، وَإِمَّا مِنَ الْكِتَابِ، لِأَنَّهُمْ وَقْتَ الْإِيتَاءِ لَمْ يَكُونُوا تَالِينَ لَهُ، وَلَا كَانَ هُوَ مَتْلُوًّا لَهُمْ، وَيَكُونَ الْخَبَرُ إِذْ ذَاكَ فِي الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ. وَجُوَّزَ الْحَوْفِيُّ أَنْ يَكُونَ يَتْلُونَهُ خَبَرًا، وأولئك وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ. قَالَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: هَذَا حُلْوٌ حَامِضٌ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَقْتَضِي الْمُبْتَدَأُ الْوَاحِدُ خبرين؟ ألم لَا يَقْتَضِي إِلَّا إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى خَبَرٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِمْ: هَذَا حُلْوٌ حَامِضٌ، أَيْ مَزٌّ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ. وَإِنْ أُرِيدَ بالذين آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ الْعُمُومُ، كَانَ الْخَبَرُ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، قَالُوا، وَمِنْهُمُ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَتْلُونَهُ حَالٌ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا، وَفِيهَا الْفَائِدَةُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا، لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ كُلُّ مُؤْمِنٍ يَتْلُو الْكِتَابَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِأَيِّ تَفْسِيرٍ فَسَّرْتَ التِّلَاوَةَ. وَنَقُولُ: مَا لَزِمَ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ جَعْلِهَا خَبَرًا، يَلْزَمُ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُؤْمِنٍ يَكُونُ عَلَى حَالَةِ التِّلَاوَةِ بِأَيِّ تَفْسِيرٍ فَسَّرْتَهَا. وَانْتَصَبَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ، كَمَا تَقُولُ: ضَرَبْتُ زَيْدًا حَقَّ ضَرْبِهِ، وَأَصْلُهُ تِلَاوَةً حَقًّا. ثُمَّ قُدِّمَ الْوَصْفُ، وَأُضِيفَ إِلَى الْمَصْدَرِ، وَصَارَ نَظِيرَ: ضَرَبْتُ شَدِيدَ الضَّرْبِ، إِذْ أَصْلُهُ: ضَرْبًا شَدِيدًا. وَجَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَأَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ، أَيْ يَتْلُونَهُ مُحِقِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَحَقُّ مَصْدَرٌ وَالْعَامِلُ فِيهِ فِعْلٌ مُضْمَرٌ، وَهُوَ بِمَعْنًى، وَلَا يَجُوزُ إِضَافَتُهُ إِلَى وَاحِدٍ معرّف، وإنما جازت عنا لِأَنَّ تَعَرُّفَ التِّلَاوَةِ بِإِضَافَتِهَا إِلَى الضَّمِيرِ لَيْسَ بِتَعَرُّفٍ مَحْضٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ وَاحِدُ أُمِّهِ، وَنَسِيجُ وَحْدِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ:
ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ يَعُودُ إِلَى مَا يَعُودُ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي يَتْلُونَهُ، وَهُوَ الْكِتَابُ، عَلَى اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْكِتَابِ. وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ، لَكِنْ دَلَّتْ قُوَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ، لَكِنْ صَارَ ذَلِكَ الْتِفَاتًا وَخُرُوجًا مِنْ خِطَابٍ إِلَى غَيْبَةٍ. وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَكُونُ الْتِفَاتًا أَيْضًا وَخُرُوجًا مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ إِلَى ضَمِيرِ الْغَائِبِ الْمُفْرَدِ. قال ابن عطية: ويحتمل عِنْدِي أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الْهُدَى الَّذِي تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ كُفَّارَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي الْآيَةِ، وَحَذَّرَ رَسُولَهُ مِنِ اتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ، وَأَعْلَمَهُ بِأَنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى الَّذِي أَعْطَاهُ وَبَعَثَهُ بِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ التَّالِينَ لِكِتَابِ اللَّهِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ الْهُدَى الْمُقْتَدُونَ بِأَنْوَارِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا ذُكِرَ. لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْكِتَابِ لِتَتَنَاسَبَ الضَّمَائِرُ وَلَا تَخْتَلِفَ، فَيَحْصُلَ التَّعْقِيدُ فِي اللَّفْظِ، وَالْإِلْبَاسُ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ جَعْلُ الضَّمَائِرِ الْمُتَنَاسِبَةِ عَائِدَةً عَلَى وَاحِدٍ، وَالْمَعْنَى فِيهَا جَيِّدٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، كَانَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 592
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست