responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 593
أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا مُتَنَافِرَةً، وَلَا نَعْدِلُ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِصَارِفٍ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، إِمَّا لَفْظِيٍّ، وَإِمَّا مَعْنَوِيٍّ، وَإِلَى عَوْدِهِ عَلَى الْكِتَابِ ذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ.
وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ: الضَّمِيرُ فِي بِهِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا فِيهِ في الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قُلْنَاهُ، أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْكِتَابِ، وَلَمْ يُعَادِلْ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ فِي التَّرْكِيبِ الْخَبَرِيِّ غَيْرِ الشَّرْطِيِّ أَوِ الشَّرْطِيِّ. بَلْ قَصَدَ فِي الْأُولَى إِلَى ذِكْرِ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَيْهِ، وَدَلَّ مُقَابَلَةُ الْخُسْرَانِ عَلَى رِبْحِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَفَوْزِهِ وَوُفُورِ حَظِّهِ عِنْدَ اللَّهِ، فَاكْتَفَى بِثُبُوتِ السَّبَبِ عَنْ ذِكْرِ الْمُسَبَّبِ عَنْهُ. وَقَصَدَ فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى ذِكْرِ الْمُسَبَّبِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ السَّبَبِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ تَنْفِيرٌ عَنْ تَعَاطِي السَّبَبِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ الْخُسْرَانُ وَنَقْصُ الْحَظِّ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ فِي جُمْلَةٍ شَرْطِيَّةٍ حُمِلَ فِيهَا الشَّرْطُ عَلَى لَفْظِ مَنْ، وَالْجَزَاءُ عَلَى معناها. وهم: مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَأَنْ يَكُونَ فَصْلًا. وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ فِي ذَلِكَ تَوْكِيدٌ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ هَذَا الْوَصْفُ، هُوَ الْقُرْآنُ. وَأُولَئِكَ: الْأَوْلَى عَائِدَةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَالثَّانِيَةُ عَائِدَةٌ عَلَى الْكُفَّارِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ، أَنَّ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا ذَمَّ طَرِيقَتَهُمْ وَحَكَى سُوءَ أَفْعَالِهِمْ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَدْحِ مَنْ تَرَكَ طَرِيقَتَهُمْ، بِأَنْ تَأَمَّلَ التَّوْرَاةَ وَتَرَكَ تَحْرِيفَهَا، وَعَرَفَ مِنْهَا صحة نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انْتَهَى. وَالتِّلَاوَةُ لَهَا مَعْنَيَانِ: الْقِرَاءَةُ لَفْظًا، وَالِاتِّبَاعُ فِعْلًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا نُقِلَ فِي تَفْسِيرِ التِّلَاوَةِ هُنَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى كُلِّ تِلْكَ الْوُجُوهِ، لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ فِي الْمَفْهُومِ، وَهُوَ أَنَّ بَيْنَهَا كُلِّهَا قَدْرًا مُشْتَرَكًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ. يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ، وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ: كَرَّرَ نِدَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُنَا، وَذَكَّرَهُمْ بِنِعَمِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ، إِذْ أَعْقَبَ ذَلِكَ النِّدَاءَ ذِكْرَ نِدَاءٍ ثَانٍ يَلِي ذِكْرَ الطَّائِفَتَيْنِ مُتَّبِعِي الْهُدَى وَالْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْآيَاتِ. وَهَذَا النِّدَاءُ أَعْقَبَ ذكر تينك الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ. وَكَانَ مَا بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ قَصَصُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَمَا صَدَرَ مِنْهُمْ، مِنْ أَفْعَالِهِمُ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِمَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، مِنَ الْمُخَالَفَاتِ وَالْكَذِبِ وَالتَّعَنُّتَاتِ، وَمَا جُوزُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا عَلَى ذَلِكَ، وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مَحْشُوًّا بَيْنَ التَّذْكِيرَيْنِ وَمَجْعُولًا بَيْنَ الْوَعْظَيْنِ وَالتَّخْوِيفَيْنِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ أَنْ تَأْمُرَ شَخْصًا بِشَيْءٍ عَلَى جِهَةِ الْإِجْمَالِ، ثُمَّ تُفَصِّلَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ إِلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ عَدِيدَةٍ، وَأَنْتَ تَسْرُدُهَا لَهُ سَرْدًا، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا هِيَ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ ذَلِكَ الْأَمْرِ السَّابِقِ. وَيَطُولُ بِكَ الْكَلَامُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 593
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست