responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 627
وَمُقَاطِعَهُ وَمُوَاصِلَهُ. وَفِي قَوْلِهِ: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ، أَيْ يُبَيِّنَ لَهُمْ وُجُوهَ أَحْكَامِهِ: حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَمَفْرُوضَهُ، وَمَسْنُونَهُ، وَمَوَاعِظَهُ، وَأَمْثَالَهُ، وَتَرْغِيبَهُ، وَتَرْهِيبَهُ، وَالْحَشْرَ، وَالنَّشْرَ، وَالْعِقَابَ، وَالثَّوَابَ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ. وَفِي قَوْلِهِ: وَالْحِكْمَةَ، أَيِ السُّنَّةَ تُبَيِّنُ مَا فِي الْكِتَابِ مِنَ الْمُجْمَلِ، وَتُوَضِّحُ مَا انْبَهَمَ مِنَ الْمُشْكَلِ، وَتُفْصِحُ عَنْ مَقَادِيرَ، وَعَنْ إِعْدَادٍ مِمَّا لَمْ يَتَعَرَّضِ الْكِتَابُ إِلَيْهِ، وَيُثْبِتُ أَحْكَامًا لَمْ يَتَضَمَّنْهَا الْكِتَابُ. وَيُزَكِّيهِمْ بَاطِنًا مِنْ أَرْجَاسِ الشِّرْكِ وَأَنْجَاسِ الشَّكِّ، وَظَاهِرًا بِالتَّكَالِيفِ الَّتِي تُمَحِّصُ الْآثَامَ وَتُوَصِّلُ الْإِنْعَامَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
التَّزْكِيَةُ: الطَّاعَةُ وَالْإِخْلَاصُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يُطَهِّرُهُمْ مِنَ الشِّرْكِ. وَقِيلَ: يَأْخُذُ مِنْهُمُ الزَّكَاةَ الَّتِي تَكُونُ سببا لطهرتهم. وَقِيلَ: يَدْعُوَا إِلَى مَا يَصِيرُونَ بِهِ أَزْكِيَاءَ. وَقِيلَ: يَشْهَدُ لَهُمْ بِالتَّزْكِيَةِ مِنْ تَزْكِيَةِ الْعُدُولِ، وَمَعْنَى الزَّكَاةِ لَا تَخْرُجُ عَنِ التَّطْهِيرِ أَوِ التَّنْمِيَةِ.
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، الْعَزِيزُ: الْغَالِبُ، أَوِ الْمَنِيعُ الَّذِي لَا يُرَامُ، قَالَهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ سَلَمَةَ، أَوِ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، قَالَهُ ابْنُ كَيْسَانَ، أَوِ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوِ الْمُنْتَقِمُ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ، أَوِ الْقَوِيُّ، وَمِنْهُ فعزنا بِثَالِثٍ، أَوِ الْمُعِزُّ وَمِنْهُ: وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ [1] . الْحَكِيمُ: قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْحَكِيمِ فِي قِصَّةِ الْمَلَائِكَةِ وَآدَمَ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [2] . وَأَنْتَ: يَجُوزُ فِيهَا مَا جَازَ فِي أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [3] قَبْلُ مِنَ الْأَعَارِيبِ. وَهَاتَانِ الصِّفَتَانِ مُتَنَاسِبَتَانِ لِمَا قَبْلَهُمَا، لِأَنَّ إِرْسَالَ رَسُولٍ مُتَّصِفٍ بِالْأَوْصَافِ الَّتِي سَأَلَهَا إِبْرَاهِيمُ لَا تَصْدُرُ إِلَّا عَمَّنِ اتَّصَفَ بِالْعِزَّةِ، وَهِيَ الْغَلَبَةُ أَوِ الْقُوَّةُ، أَوْ عَدَمُ النَّظِيرِ، وَبِالْحِكْمَةِ الَّتِي هِيَ إِصَابَةُ مَوَاقِعِ الْفِعْلِ، فَيَضَعُ الرِّسَالَةَ فِي أَشْرَفِ خَلْقِهِ وَأَكْرَمِهِمْ عَلَيْهِ، اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ. وَتَقَدَّمَتْ صِفَةُ الْعَزِيزِ عَلَى الْحَكِيمِ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَالْحَكِيمُ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، وَلِكَوْنِ الْحَكِيمِ فَاصِلَةً كَالْفَوَاصِلِ قَبْلَهَا.
وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ: هِيَ الْقُرْآنُ. وَقِيلَ: الْأَعْلَامُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ. وَمَعْنَى التِّلَاوَةِ: تَذْكِيرُهُمْ بِهَا وَدُعَاؤُهُمْ إِلَيْهَا وَحَمْلُهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِهَا، وَحِكْمَةُ التِّلَاوَةِ: بَقَاءُ لَفْظِهَا عَلَى الْأَلْسِنَةِ، فَيَبْقَى مَصُونًا عَنِ التَّحْرِيفِ وَالتَّصْحِيفِ، وَكَوْنُ نَظْمِهَا وَلَفْظِهَا مُعْجِزًا، وَكَوْنُ تِلَاوَتِهَا فِي الصَّلَوَاتِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ نَوْعَ عِبَادَةٍ إِلَّا أَنَّ الْحِكْمَةَ الْعُظْمَى تَعْلِيمُ مَا فِيهِ مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْأَحْكَامِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ، عَبَّرَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ عَنِ الْحِكْمَةِ، بِأَنَّهَا التَّشَبُّهُ بِالْإِلَهِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَقِيلَ الْحِكْمَةُ الْمُتَشَابِهَاتُ. وقيل:

[1] سورة آل عمران: 3/ 26.
[2] سورة البقرة: 2/ 32.
[3] سورة البقرة: 2/ 127.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 627
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست