responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 628
الْكِتَابُ أَحْكَامُ الشَّرَائِعِ، وَالْحِكْمَةُ وُجُوهُ الْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ فِيهَا، وَقِيلَ: كُلُّهَا صِفَاتٌ لِلْقُرْآنِ، هُوَ آيَاتٌ، وَهُوَ كِتَابٌ وَهُوَ حِكْمَةٌ. انْتَهَى مَا لُخِّصَ مِنَ الْمُنْتَخَبِ.
وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ:
رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ دَعَا ابْنَيْ أَخِيهِ سَلَمَةَ وَمُهَاجِرًا إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُمَا: قَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: [إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ نَبِيًّا اسْمُهُ أَحْمَدُ، مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَى وَرَشَدَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَهُوَ مَلْعُونٌ] ، فَأَسْلَمَ سَلَمَةُ وَأَبَى مُهَاجِرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَمَنْ: اسْمُ اسْتِفْهَامٍ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ: الْإِنْكَارُ، وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ إِلَّا بَعْدَهُ. وَالْمَعْنَى:
لَا أَحَدَ يَرْغَبُ، فَمَعْنَاهُ النَّفْيُ الْعَامُّ. وَمَنْ سَفِهَ: فِي مَوْضِعِ رَفْعِ بَدَلٍ من الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي يَرْغَبُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَالرَّفْعُ أَجْوَدُ عَلَى الْبَدَلِ، لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ، وَمَنْ فِي مَنْ سَفِهَ مَوْصُولَةٌ، وَقِيلَ: نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَانْتِصَابُ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزٌ، عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ الْفَرَّاءُ، أَوْ مُشَبَّهٌ بِالْمَفْعُولِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ، أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ، إِمَّا لِكَوْنِ سَفِهَ يتعدى بنفسه كسفه الْمُضَعَّفِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ ضَمِنَ مَعْنَى مَا يَتَعَدَّى، أَيْ جَهِلَ، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ وَابْنُ جِنِّيٍّ، أَوْ أَهْلَكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَوْ عَلَى إِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ، أَوْ تَوْكِيدٌ لِمُؤَكَّدٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ سَفَّهَ قَوْلُهُ نَفْسَهُ، حَكَاهُ مَكِّيٌّ. أَمَّا التَّمْيِيزُ فَلَا يُجِيزُهُ الْبَصْرِيُّونَ، لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ، وَشَرْطُ التَّمْيِيزِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ نَكِرَةً، وَأَمَّا كَوْنُهُ مُشَبَّهًا بِالْمَفْعُولِ، فَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَخْصُوصٌ بِالصِّفَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْفِعْلِ، تَقُولُ: زَيْدٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، وَلَا يَجُوزُ حَسَّنَ الْوَجْهِ، وَلَا يُحْسِنُ الْوَجْهَ. وَأَمَّا إِسْقَاطُ حَرْفِ الْجَرِّ، وَأَصْلُهُ مَنْ سَفِهَ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَنْقَاسُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَوْكِيدًا وَحُذِفَ مُؤَكَّدُةُ فَفِيهِ خِلَافٌ. وَقَدْ صَحَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَعْنِي: أَنْ يُحْذَفَ الْمُؤَكَّدُ وَيَبْقَى التَّوْكِيدُ، وَأَمَّا التَّضْمِينُ فَلَا يَنْقَاسُ، وَأَمَّا نَصْبُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ، وَيَكُونُ الْفِعْلُ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ، فَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ، لِأَنَّ ثَعْلَبًا وَالْمُبَرِّدَ حَكَيَا أَنَّ سَفِهَ بِكَسْرِ الفاء يتعدى، كسفه بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّهَا. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّهَا لُغَةٌ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: سَفَّهَ نَفْسَهُ: امْتَهَنَهَا وَاسْتَخَفَّ بِهَا، وَأَصْلُ السَّفَهِ، الْخِفَّةُ، وَمِنْهُ زِمَامٌ سَفِيهٌ. وَقِيلَ: انْتِصَابُ النَّفْسِ عَلَى التَّمْيِيزِ نَحْوَ: غُبِنَ رَأْيَهُ، وَأَلِمَ رَأْسَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي شُذُوذِ تَعْرِيفِ التَّمْيِيزِ، نَحْوَ قَوْلِهِ:
وَلَا بِفَزَارَةَ الشُّعُرَ الرِّقَابَا ... أَجَبَّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 628
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست