responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 660
الْجُمْلَتَيْنِ هُوَ وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ وَالْمُخَاطَبُ وَاحِدٌ، يَعْنِي الَّذِي خُوطِبَ بِهَذَا الْكَلَامِ، وَالْمُعَادَلَةُ وَقَعَتْ بَيْنَ قِيَامِ الْمُوَاجَهِ بِالْخِطَابِ وَبَيْنَ قِيَامِ عَمْرٍو وَقَوْلُهُ. وَالْقَوْلُ فِي الْآيَةِ مِنَ اثْنَيْنِ، يَعْنِي أَنَّ أَتُحَاجُّونَنَا مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ، إِذْ أُمِرَ أَنْ يُخَاطِبَهُمْ بذلك، وأ تقولون بِالتَّاءِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ وَالْمُخَاطَبُ اثْنَانِ غير أن، أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَوْلُهُ أَتُحَاجُّونَنَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ لِلرَّسُولِ وَأُمَّتِهِ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِقَوْلِهِ: أَمْ يَقُولُونَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَفِيمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ، لَا تَكُونُ إِلَّا مُنْقَطِعَةً. انْتَهَى. وَيُمْكِنُ الِاتِّصَالُ فِيهَا مَعَ قِرَاءَةِ التَّاءِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الِالْتِفَاتِ، إِذْ صَارَ فِيهِ خُرُوجٌ مِنْ خِطَابٍ إِلَى غَيْبَةٍ، وَالضَّمِيرُ لِنَاسٍ مَخْصُوصِينَ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ أَمْ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ مَعًا مُنْقَطِعَةً، وَكَأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مُحَاجَّتَهُمْ فِي اللَّهِ وَنِسْبَةَ أَنْبِيَائِهِ لِلْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُمْ مَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ [1] الْآيَاتِ. وَإِذَا جَعَلْنَاهَا مُتَّصِلَةً، كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ وُقُوعَ الْجُمْلَتَيْنِ، بَلْ إِحْدَاهُمَا، وَصَارَ السُّؤَالُ عَنْ تَعْيِينِ إِحْدَاهُمَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، إِذْ وَقَعَا مَعًا. وَالْقَوْلُ في أو في قول: هُوداً أَوْ نَصارى، قَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى. وَقَوْلُهُ: كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى، وأنها للتفصيل، أَيْ قَالَتِ الْيَهُودُ: هُمْ يَهُودُ، وَقَالَتِ النَّصَارَى: هُمْ نَصَارَى.
قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ: الْقَوْلُ فِي القراءات فِي أَأَنْتُمْ، كَهُوَ فِي قَوْلِهِ: أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ [2] ، وَقَدْ تَوَسَّطَ هُنَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ، إِذْ يَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يَقُولَ: أَأَعْلَمُ أَنْتُمْ أَمِ اللَّهُ؟ وَيَجُوزُ: أَأَنْتُمْ أَمِ اللَّهُ أَعْلَمُ؟ وَلَا مُشَارَكَةَ بَيْنِهِمْ وَبَيْنَ اللَّهِ فِي الْعِلْمِ حَتَّى يَسْأَلَ: أَهُمْ أَزْيَدُ عِلْمًا أَمِ اللَّهُ؟ وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ بِهِمْ وَالِاسْتِهْزَاءِ، وَعَلَى تَقْدِيرٍ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ عِلْمٌ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ حَسَّانَ:
فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ، هُوَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّ الَّذِي هُوَ شَرُّ كُلُّهِ، هُوَ هَاجِيهِ. وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ بِقَوْلِهِ: مَا كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [3] ، وَلِأَنَّ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ إِنَّمَا حَدَثَتَا بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ، وَلِأَنَّهُ أَخْبَرَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ مُمَيَّزِينَ عَنِ

[1] سورة آل عمران: 3/ 65.
[2] سورة البقرة: 2/ 6.
[3] سورة آل عمران: 3/ 67.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 660
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست