responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 661
الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ. وَخَرَجَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَخْرَجَ مَا يُتَرَدَّدُ فِيهِ، لِأَنَّ أَتْبَاعَ أَحْبَارِهِمْ رُبَّمَا تَوَهَّمُوا، أَوْ ظَنُّوا، أَنَّ أُولَئِكَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى لِسَمَاعِهِمْ ذَلِكَ منهم، فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، أَوْ لِأَنَّ أَحْبَارَهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ بُطْلَانَ مَقَالَتِهِمْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ، لَكِنَّهُمْ كَتَمُوا ذَلِكَ وَنَحَلُوهُمْ إِلَى مَا ذَكَرُوا، فَنَزَلُوا لِكَتْمِهِمْ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَتَرَدَّدُ فِي الشَّيْءِ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ، لِأَنَّ مَنْ خُوطِبَ بِهَذَا الْكَلَامِ بَادَرَ إِلَى أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عَالِمِينَ بِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ مَعَهُ كَانُوا مُبَايِنِينَ لِلْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، لَكِنَّهُمْ كَتَمُوا ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الِاسْتِفْهَامِ، وَأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ النَّفْيُ، فَالْمَعْنَى: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ الْجَائِي بَعْدَ مَنَ الِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ [1] ، وَالْمَنْفِيُّ عَنْهُمُ التَّفْضِيلُ فِي الْكَتْمِ الْيَهُودُ، وَقِيلَ: الْمُنَافِقُونَ تَابَعُوا الْيَهُودَ عَلَى الْكَتْمِ. وَالشَّهَادَةُ هِيَ أَنَّ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مَعْصُومُونَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ الْبَاطِلَتَيْنِ، قَالَهُ الْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالرَّبِيعُ، أَوْ مَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُبُوَّتِهِ، وَالْأَمْرِ بِتَصْدِيقِهِ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ أَوِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِسِيَاقِ الْآيَةِ.
مِنَ اللَّهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مُتَعَلِّقَةً بِلَفْظِ كَتَمَ، وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ كَتَمَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ شَهَادَةً عِنْدَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ ذَمَّهُمْ عَلَى مَنْعِ أَنْ يَصِلَ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ، وَأَنْ يُؤَدُّوا إِلَيْهِمْ شَهَادَةَ الْحَقِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مُتَعَلِّقَةً بِالْعَامِلِ فِي الظَّرْفِ، إِذِ الظَّرْفُ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: شَهَادَةٌ كَائِنَةٌ عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ، أَيِ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَشْهَدَهُ تِلْكَ الشَّهَادَةَ، وَحَصَلَتْ عِنْدَهُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، وَاسْتَوْدَعَهُ إِيَّاهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [2] الْآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْوَجْهِ: فَمِنْ عَلَى هَذَا مُتَعَلِّقَةٌ بِعِنْدَهُ، وَالتَّحْرِيرُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الظَّرْفِ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ، وَنِسْبَةُ التَّعَلُّقِ إِلَى الظَّرْفِ مَجَازٌ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ كَتَمَ شَهَادَةَ اللَّهِ الَّتِي عِنْدَهُ أَنَّهُ شَهِدَ بِهَا، وَهِيَ شَهَادَتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ بِالْحَنِيفِيَّةِ. وَمِنْ فِي قَوْلِهِ: شَهَادَةً مِنَ اللَّهِ، مِثْلُهَا فِي قَوْلِكَ: هَذِهِ شَهَادَةٌ مِنِّي لِفُلَانٍ، إِذَا شَهِدْتَ لَهُ، وَمِثْلُهُ: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [3] . انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ مِنَ اللَّهِ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِشَهَادَةٍ، أَيْ كَائِنَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ في العامل

[1] سورة البقرة: 2/ 114.
[2] سورة آل عمران: 3/ 187.
[3] سورة التوبة: 9/ 1.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 661
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست