responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 168
رَبِّي وَلِيَقُلْ سَيِّدِي، وَهُوَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ لِلتَّأْدِيبِ وَلِذَلِكَ خُصَّ النَّهْيُ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مِمَّنْ يُعْبَدُ عُرْفًا كَأَسْمَاءِ النَّاسِ لِدَفْعِ تُهْمَةِ الْإِشْرَاكِ وَقَطْعِ دَابِرِهِ وَجَوَّزُوا أَنْ يَقُولَ رَبُّ الدَّابَّةِ وَرَبُّ الدَّارِ، وَأَمَّا بِالْإِطْلَاقِ فَالْكَرَاهَةُ أَشَدُّ فَلَا يَقُلْ أَحَدٌ لِلْمَلِكِ وَنَحْوِهِ هَذَا رب.
و (الْعَالمين) جَمْعُ عَالَمٍ قَالُوا وَلَمْ يُجْمَعْ فَاعَلٌ هَذَا الْجَمْعَ إِلَّا فِي لَفْظَيْنِ عَالَمٌ وَيَاسَمٌ، اسْمٌ لِلزَّهْرِ الْمَعْرُوفِ بِالْيَاسَمِينَ، قِيلَ جَمَعُوهُ عَلَى يَاسَمُونَ وَيَاسَمِينَ قَالَ الْأَعْشَى:
وَقَابَلَنَا الْجُلُّ وَالْيَاسَمُ ... ونَ وَالْمُسْمِعَاتُ وَقَصَّابُهَا
وَالْعَالَمُ الْجِنْسُ مِنْ أَجْنَاسِ الْمَوْجُودَاتِ، وَقَدْ بَنَتْهُ الْعَرَبُ عَلَى وَزْنِ فَاعَلٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مُشْتَقًّا مِنَ الْعِلْمِ أَوْ مِنَ الْعَلَامَةِ لِأَنَّ كُلَّ جِنْسٍ لَهُ تَمَيُّزٌ عَنْ غَيْرِهِ فَهُوَ لَهُ عَلَامَةٌ، أَوْ هُوَ سَبَبُ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ. وَهَذَا الْبِنَاءُ مُخْتَصٌّ بِالدَّلَالَةِ عَلَى الْآلَةِ غَالِبًا كَخَاتَمٍ وَقَالَبٍ وَطَابَعٍ فَجَعَلُوا الْعَوَالِمَ لِكَوْنِهَا كَالْآلَةِ لِلْعِلْمِ بِالصَّانِعِ، أَوِ الْعِلْمِ بِالْحَقَائِقِ. وَلَقَدْ أَبْدَعَ الْعَرَبُ فِي هَذِهِ اللَّطِيفَةِ إِذْ بَنَوُا اسْمَ جِنْسِ الْحَوَادِثِ عَلَى وَزْنِ فَاعِلٍ لِهَذِهِ النُّكْتَةِ، وَلَقَدْ أَبْدَعُوا إِذْ جَمَعُوهُ جَمْعَ الْعُقَلَاءِ مَعَ أَنَّ مِنْهُ مَا لَيْسَ بِعَاقِلٍ تَغْلِيبًا لِلْعَاقِلِ.
وَقد قَالَ التفتازانيّ فِي «شَرْحِ الْكَشَّافِ» : «الْعَالَمُ اسْمٌ لِذَوِي الْعِلْمِ وَلِكُلِّ جِنْسٍ يُعْلَمُ بِهِ الْخَالِقُ، يُقَالُ عَالَمُ الْمُلْكِ، عَالَمُ الْإِنْسَانِ، عَالَمُ النَّبَاتِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ بِالْإِفْرَادِ إِلَّا مُضَافًا لِنَوْعٍ يُخَصِّصُهُ يُقَالُ عَالَمُ الْإِنْسِ عَالَمُ الْحَيَوَانِ، عَالَمُ النَّبَاتِ وَلَيْسَ اسْمًا لِمَجْمُوعِ مَا سِوَاهُ تَعَالَى بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ إِجْرَاءٌ فَيَمْتَنِعُ جَمْعُهُ» وَهَذَا هُوَ تَحْقِيقُ اللُّغَةِ فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِطْلَاقُ عَالَمٍ عَلَى مَجْمُوعِ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ عَلَى هَذَا عُلَمَاءُ الْكَلَامِ فِي قَوْلِهِمُ الْعَالَمُ حَادِثٌ فَهُوَ من المصطلحات.
والتعرف فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ الْخِطَابِيِّ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ خَارِجِيٌّ وَلَمْ يَكُنْ مَعْنًى لِلْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا عَلَى الْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ تَمَحَّضَ التَّعْرِيفُ لِلِاسْتِغْرَاقِ لِجَمِيعِ الْأَفْرَادِ دَفْعًا لِلتَّحَكُّمِ فَاسْتِغْرَاقُهُ اسْتِغْرَاقُ الْأَجْنَاسِ الصَّادِقِ هُوَ عَلَيْهَا لَا مَحَالَةَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» : «لِيَشْمَلَ كُلَّ جِنْسٍ مِمَّا سُمِّيَ بِهِ» إِلَّا أَنَّ اسْتِغْرَاقَ الْأَجْنَاسِ يَسْتَلْزِمُ اسْتِغْرَاقَ أَفْرَادِهَا اسْتِلْزَامًا وَاضِحًا إِذِ الْأَجْنَاسُ لَا تُقْصَدُ لِذَاتِهَا لَا سِيَّمَا فِي مَقَامِ الْحُكْمِ بِالْمَرْبُوبِيَّةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِمَرْبُوبِيَّةِ الْحَقَائِقِ.
وَإِنَّمَا جُمِعَ الْعَالَمُ وَلَمْ يُؤْتَ بِهِ مُفْرَدًا لِأَنَّ الْجَمْعَ قرينَة على استغراق، لِأَنَّهُ لَوْ أُفْرِدَ لَتُوُهِّمَ أَنَُُّ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست