responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 169
الْمُرَادَ مِنَ التَّعْرِيفِ الْعَهْدُ أَوِ الْجِنْسُ فَكَانَ الْجَمْعُ تَنْصِيصًا عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَهَذِهِ سُنَّةُ الْجُمُوعِ مَعَ (الْ) الِاسْتِغْرَاقِيَّةِ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَلَمَّا صَارَتِ الْجَمْعِيَّةُ قَرِينَةً عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ بَطَلَ مِنْهَا مَعْنَى الْجَمَاعَاتِ فَكَانَ اسْتِغْرَاقُ الْجُمُوعِ مُسَاوِيًا لِاسْتِغْرَاقِ الْمُفْرَدَاتِ أَوْ أَشْمَلَ مِنْهُ. وَبَطَلَ مَا شَاعَ عِنْدَ مُتَابِعِي السَّكَّاكِيِّ مِنْ قَوْلِهِمُ اسْتِغْرَاقُ الْمُفْرَدِ أَشْمَلُ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها [الْبَقَرَة: 31] .
[3] . الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
وَصْفَانِ مُشْتَقَّانِ مِنْ رَحِمَ، وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» عَنِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ عَنِ الْمبرد أَن الرَّحْمَن اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ نُقِلَ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ قَالَ وَأَصْلُهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (أَيْ فَأُبْدِلَتْ خَاؤُهُ حَاءً مُهْمَلَةً عِنْدَ أَكْثَرِ الْعَرَبِ كَشَأْنِ التَّغْيِيرِ فِي التَّعْرِيبِ) وَأَنْشَدَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ جَرِيرٍ يُخَاطِبُ الْأَخْطَلَ:
أَوَ تَتْرُكَنَّ إِلَى الْقِسِّيسِ هِجْرَتَكُمْ ... وَمَسْحَكُمْ صُلْبَكُمْ رَخَمَانِ قُرْبَانَا
(الرِّوَايَةُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ) وَلَمْ يَأْتِ الْمُبَرِّدُ بِحُجَّةٍ عَلَى مَا زَعَمَهُ، وَلِمَ لَا يَكُونُ الرَّحْمَنُ عَرَبِيًّا كَمَا كَانَ عِبْرَانِيًّا فَإِنَّ الْعَرَبِيَّةَ وَالْعِبْرَانِيَّةَ أُخْتَانِ وَرُبَّمَا كَانَتِ الْعَرَبِيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ
أَقْدَمُ مِنَ الْعِبْرَانِيَّةِ وَلَعَلَّ الَّذِي جَرَّأَهُ عَلَى ادِّعَاءِ أَن الرَّحْمَن اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ مَا حَكَاهُ الْقُرْآنُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلِهِ: قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ [الْفرْقَان: 60] وَيَقْتَضِي أَنَّ الْعَرَبَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ هَذَا الِاسْمَ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا سَيَأْتِي بعض عَرَبِ الْيَمَنِ يَقُولُونَ رَخِمَ رُخْمَةً بِالْمُعْجَمَةِ.
وَاسْمُ الرَّحْمَةِ مَوْضُوعٌ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِرِقَّةِ الْخَاطِرِ وَانْعِطَافِهِ نَحْوَ حَيٍّ بِحَيْثُ تَحْمِلُ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا عَلَى الرِّفْقِ بِالْمَرْحُومِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَدَفْعِ الضُّرِّ عَنْهُ وَإِعَانَتِهِ عَلَى الْمَشَاقِّ.
فَهِيَ مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ النَّفْسَانِيَّةِ لِأَنَّهَا انْفِعَالٌ، وَلِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ انْدِفَاعٌ يَحْمِلُ صَاحِبَهَا عَلَى أَفْعَالٍ وُجُودِيَّةٍ بِقَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ وَعَلَى قَدْرِ قُوَّةِ انْفِعَالِهِ، فَأَصْلُ الرَّحْمَةِ مِنْ مَقُولَةِ الِانْفِعَالِ وَآثَارُهَا مِنْ مَقُولَةِ الْفِعْلِ، فَإِذَا وُصِفَ مَوْصُوفٌ بِالرَّحْمَةِ كَانَ مَعْنَاهُ حُصُولُ الِانْفِعَالِ الْمَذْكُورِ فِي نَفْسِهِ، وَإِذَا أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ رَحِمَ غَيْرَهُ فَهُوَ عَلَى مَعْنَى صَدَرَ عَنْهُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الرَّحْمَةِ، إِذْ لَا تَكُونُ تَعْدِيَةُ فِعْلِ رَحِمَ إِلَى الْمَرْحُومِ إِلَّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَلَيْسَ لِمَاهِيَّةِ الرَّحْمَةِ جُزْئِيَّاتٌ وُجُودِيَّةٌ وَلَكِنَّهَا جُزْئِيَّاتٌ مِنْ آثَارِهَا. فَوَصْفُ اللَّهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ الرَّحْمَةِ فِي اللُّغَات ناشىء عَلَى مِقْدَارِ عَقَائِدِ أَهْلِهَا فِيمَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ وَيَسْتَحِيلُ، وَكَانَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ مُجَسِّمَةٌ ثُمَّ يَجِيءُ ذَلِكَُُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست