responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 555
وَالذَّلُولُ- بِفَتْحِ الذَّالِ- فَعُولٌ مِنْ ذَلَّ ذِلًّا- بِكَسْرِ الذَّالِ فِي الْمَصْدَرِ- بِمَعْنَى لَانَ وَسَهُلَ. وَأَمَّا الذُّلُّ- بِضَمِّ الذَّالِ- فَهُوَ ضِدُّ الْعِزِّ وَهُمَا مَصْدَرَانِ لِفِعْلٍ وَاحِدٍ خَصَّ الِاسْتِعْمَالُ أَحَدَ الْمَصْدَرَيْنِ بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ أَنْ يُحْرَثَ عَلَيْهَا وَأَنْ يُسْقَى بِجَرِّهَا أَيْ هِيَ عِجْلَةٌ قَارَبَتْ هَذَا السِّنَّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حُدِّدَ بِهِ سِنُّهَا فِي التَّوْرَاةِ.
وَلَا ذَلُولٌ صِفَةٌ لِبَقَرَةٍ. وَجُمْلَةُ تُثِيرُ الْأَرْضَ حَالٌ مِنْ ذَلُولٌ.
وَإِثَارَةُ الْأَرْضِ حَرْثُهَا وَقَلْبُ دَاخِلِ تُرَابِهَا ظَاهِرًا وَظَاهِرِهِ بَاطِنًا، أُطْلِقَ عَلَى الْحَرْثِ فِعْلُ الإثارة تَشْبِيها لانقلال أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بِثَوْرَةِ الشَّيْءِ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَتُثِيرُ سَحاباً [الرّوم: 48] أَيْ تَبْعَثُهُ وَتَنْقُلُهُ وَنَظِيرُ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الرُّومِ [9] : وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ.
وَإِقْحَامُ (لَا) بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مَعَ أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ عَلَى الْمَنْفِيِّ بِهَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهَا إِنَّمَا هُوَ لِمُرَاعَاةِ الِاسْتِعْمَالِ الْفَصِيحِ فِي كُلِّ وَصْفٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ أُدْخِلَ فِيهِ حَرْفُ لَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ [الْبَقَرَة: 68] فَإِنَّهُ لَمَّا قُيِّدَتْ صِفَةُ ذَلُولٍ بِجُمْلَةِ تَسْقِي الْحَرْثَ صَارَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ أَنَّهَا بَقَرَةٌ لَا تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ فَجَرَتِ الْآيَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْفَصِيحِ مِنْ إِعَادَةِ (لَا) وَبِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حُجَّةٌ لِلْمُبَرِّدِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ.
وَاخْتِيرَ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ فِي (تثير) و (تَسْقِي) لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِذَلُولٍ إِذِ الْوَصْفُ شَبِيهٌ بِالْمُضَارِعِ وَلِأَنَّ الْمُضَارِعَ دَالٌّ عَلَى الْحَالِ.
وَ (مُسَلَّمَةٌ) أَيْ سَلِيمَةٌ مِنْ عُيُوبِ نَوْعِهَا فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ سُلِّمَتِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَكَثِيرًا مَا تُذْكَرُ الصِّفَاتُ الَّتِي تُعْرَضُ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ بِصِيغَةِ الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فِي الْفِعْلِ وَالْوَصْفِ إِذْ لَا يخْطر على بَاب الْمُتَكَلِّمِ تَعْيِينُ فَاعِلِ ذَلِكَ، وَمِنْ هَذَا مُعْظَمُ الْأَفْعَالِ الَّتِي الْتُزِمَ فِيهَا الْبِنَاءُ لِلْمَجْهُولِ.
وَقَوْلُهُ: لَا شِيَةَ فِيها صِفَةٌ أُخْرَى تُمَيِّزُ هَذِهِ الْبَقَرَةَ عَنْ غَيْرِهَا. وَالشِّيَةُ الْعَلَامَةُ وَهِيَ بِزِنَةِ فِعْلَةٍ مِنْ وَشَى الثَّوْبَ إِذَا نَسَجَهُ أَلْوَانًا وَأَصْلُ شِيَةٍ وَشْيَةٌ وَيَقُولُ الْعَرَبُ ثَوْبٌ مُوَشًّى وَثَوْبٌ وَشِيٌّ، وَيَقُولُونَ: ثَوْرٌ مُوَشَّى الْأَكَارِعِ لِأَنَّ فِي أَكَارِعِ ثَوْرِ الْوَحْشِ سَوَادٌ يُخَالِطُ صُفْرَتَهُ فَهُوَ ثَوْرٌ أَشْيَهٌ وَنَظَائِرُهُ قَوْلُهُمْ فَرَسٌ أَبْلَقُ، وَكَبْشٌ أَدْرَعُ، وَتَيْسٌ أَزْرَقُ وَغُرَابٌ أَبْقَعُ، بِمَعْنَى مُخْتَلِطٍ لَوْنَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ أَرَادُوا بِالْحَقِّ الْأَمْرَ الثَّابِتَ الَّذِي لَا احْتِمَالَ فِيهِ كَمَا تَقُولُ جَاءَ بِالْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ، وَلَمْ يُرِيدُوا مِنَ الْحَقِّ ضِدَّ الْبَاطِلِ لِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ نَبِيَّهُمْ.
فَإِنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 555
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست