responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 559
بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَسِيرًا أَوْ بِعَدَمِهِ وَعَدَمِ مُقَارَبَتِهِ» وَاعْتَذَرَ فِي شَرْحِهِ لِلتَّسْهِيلِ عَنْ ذِي الرُّمَّةِ فِي تَغْيِيرِهِ بَيْتَهُ بِأَنَّهُ غَيَّرَهُ لِدَفْعِ احْتِمَالِ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ كَادَ إِنْ نُفِيَتْ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فَهِيَ لِنَفْيِ الْمُقَارَبَةِ وَإِنْ نُفِيَتْ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَهِيَ لِلْإِثْبَاتِ وَشُبْهَتُهُ أَنْ جَاءَتْ كَذَلِكَ فِي الْآيَتَيْنِ لَمْ يَكَدْ يَراها [النُّور: 40] وَما كادُوا يَفْعَلُونَ وَأَنَّ نَفْيَ الْفِعْلِ الْمَاضِي لَا يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِمْرَارَ إِلَى زَمَنِ الْحَالِ بِخِلَافِ نَفْيِ الْمُضَارِعِ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا كَادَ يَفْعَلُ وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنَّهُ كَادَ مَا يَفْعَلُ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْقَلْبِ الشَّائِعِ.
وَعِنْدِي أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْمَذْهَبُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ نَفْيَهَا فِي مَعْنَى الْإِثْبَاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا وَجَدُوهَا فِي حَالَةِ الْإِثْبَاتِ مُفِيدَةً مَعْنَى النَّفْيِ جَعَلُوا نَفْيَهَا بِالْعَكْسِ كَمَا فَعَلُوا فِي لَوْ وَلَوْلَا وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَوَاضِعُ اسْتِعْمَالِ نَفْيِهَا فَإِنَّكَ تَجِدُ جَمِيعَهَا بِمَعْنَى مُقَارَبَةِ النَّفْيِ لَا نَفْيِ الْمُقَارَبَةِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْقَلْبِ الْمُطَّرِدِ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ مَا كَادَ يَفْعَلُ وَلَمْ يَكَدْ يَفْعَلُ بِمَعْنَى كَادَ مَا يَفْعَلُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ مِنْ بَقَايَا لُغَةٍ قَدِيمَةٍ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ تَجْعَلُ حَرْفَ النَّفْيِ الَّذِي حَقُّهُ التَّأْخِيرُ مُقَدَّمًا وَلَعَلَّ هَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْمَعَرِّيُّ بِقَوْلِهِ: «جَرَتْ فِي لِسَانَيْ جُرْهُمٍ وَثَمُودَ» وَيَشْهَدُ لِكَوْنِ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ تَغْيِيرُ ذِي الرُّمَّةِ بَيْتَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَأَصْحَابِ الذَّوْقِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَصْرِ الْمُوَلَّدِينَ إِلَّا أَنَّهُ لِانْقِطَاعِهِ إِلَى سُكْنَى بَادِيَتِهِ كَانَ فِي مَرْتَبَةِ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ حَتَّى عُدَّ فِيمَنْ يُحْتَجُّ بِشِعْرِهِ، وَمَا كَانَ مِثْلُهُ لِيُغَيِّرَ شِعْرَهُ بَعْدَ التَّفَكُّرِ لَوْ كَانَ
لِصِحَّتِهِ وَجْهٌ فَمَا اعْتَذَرَ بِهِ عَنْهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي «شَرْحِ التَّسْهِيلِ» ضَعِيفٌ. وَأَمَّا دَعْوَى الْمَجَازِ فِيهِ فَيُضَعِّفُهَا اطِّرَادُ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى فِي آيَةِ لَمْ يَكَدْ يَراها فَإِنَّ الْوَاقِفَ فِي الظَّلَامِ إِذَا مَدَّ يَدَهُ يَرَاهَا بِعَنَاءٍ وَقَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا «فَأُبْتُ إِلَى فَهْمٍ وَمَا كدت آئبا» وَقَالَ تَعَالَى: وَلا يَكادُ يُبِينُ [الزخرف: 52] . وَإِنَّمَا قَالَ: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ وَلَمْ يَقُلْ يَذْبَحُونَ كَرَاهِيَةَ إِعَادَةِ اللَّفْظِ تَفَنُّنًا فِي الْبَيَان.
[72، 73]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)
تَصْدِيرُهُ بِإِذْ عَلَى طَرِيقَةِ حِكَايَةِ مَا سَبَقَ مِنْ تَعْدَادِ النِّعَمِ وَالْأَلْطَافِ وَمُقَابَلَتِهِمْ إِيَّاهَا بالكفران وَالِاسْتِخْفَاف يومىء إِلَى أَنَّ هَذِهِ قِصَّةٌ غَيْرُ قِصَّةِ الذَّبْحِ وَلَكِنَّهَا حَدَثَتْ عَقِبَ الْأَمْرِ بِالذَّبْحِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست