responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 562
وُقُوعِ الْقَسَامَةِ مَعَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ وَلَكِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِ الْمَقْتُولِ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْقِصَاصِ، وَلَمَّا كَانَ الظَّنُّ بِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ أَنْ لَا يُقْتَلَ أَحَدٌ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مِنَ الْمَطْعُونِ تَعَيَّنَ أَنَّ هُنَالِكَ شَيْئًا تَقْوَى بِهِ الدَّعْوَى وَهُوَ الْقَسَامَةُ.
وَقَدْ أُورِدَ عَلَى احْتِجَاجِ الْمَالِكِيَّةِ بِهَا أَنَّ هَذَا مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ أَحْكَامًا وَأَجَابَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ فِي إِحْيَاءِ الْمَيِّتِ فَلَمَّا حَيِيَ صَارَ كَلَامُهُ كَكَلَامِ سَائِرِ الْأَحْيَاءِ، وَهُوَ جَوَابٌ لَطِيفٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ قَاطِعٍ.
وَالْخِلَافُ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَسَامَةِ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا وَفِي مِقْدَارِ الْقَضَاءِ بِهَا مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَقَدْ تَقَصَّاهُ الْقُرْطُبِيُّ وَلَيْسَ مِنْ أغراض الْآيَة.
[74]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)
(ثُمَّ) هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ الَّذِي تتهيأ لَهُ (ثمَّ) إِذَا عَطَفْتَ الْجُمَلَ، أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ
تَلِنْ قُلُوبُكُمْ وَلَمْ تنفعكم الْآيَات ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ مِنَ الْبَعِيدِ قَسْوَتُهَا.
وَقَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِ ذلِكَ زِيَادَةُ تَعْجِيبٍ مِنْ طُرُقِ الْقَسَاوَةِ لِلْقَلْبِ بَعْدَ تَكَرُّرِ جَمِيعِ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ الْمُشَارِ إِلَى مَجْمُوعِهَا بِذَلِكَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الْقَطَامِيِّ:
أَكُفْرًا بَعْدَ رَدِّ الْمَوْتِ عَنِّي ... وَبَعْدَ عَطَائِكَ الْمِائَةَ الرِّتَاعَا
أَيْ كَيْفَ أَكْفُرُ نِعْمَتَكَ أَيْ لَا أَكْفُرُهَا مَعَ إِنْجَائِكَ لِي مِنَ الْمَوْتِ إِلَخْ. وَوَجْهُ اسْتِعْمَالِ (بَعْدَ) فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّهَا مَجَازٌ فِي مَعْنَى (مَعَ) لِأَنَّ شَأْنَ الْمُسَبَّبِ، أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنِ السَّبَبِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْمَقْصِدُ التَّنْبِيهَ عَلَى تَأَخُّرِهِ لِلْعِلْمِ بِذَلِكَ وَأُرِيدَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ مَعَهُ إِثْبَاتًا أَوْ نفيا عبر ببعد عَنْ مَعْنَى (مَعَ) مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى التَّأَخُّرِ الرُّتْبِيِّ.
وَالْقَسْوَةُ وَالْقَسَاوَةُ تُوصَفُ بِهَا الْأَجْسَامُ وَتُوصَفُ بِهَا النُّفُوسُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْقُلُوبِ فَالْمَعْنَى الْجَامِعُ لِلْوَصْفَيْنِ هُوَ عَدَمُ قَبُولِ التَّحَوُّلِ عَنِ الْحَالَةِ الْمَوْجُودَةِ إِلَى حَالَةٍ تُخَالِفُهَا.
وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْقَسَاوَةُ مَوْضُوعَةً لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْحِسِّيِّ وَالْقَلْبِيِّ- وَهُوَ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ- أَمْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً لِلْأَجْسَامِ حَقِيقَةً وَاسْتُعْمِلَتْ فِي الْقُلُوبِ مَجَازًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَقَدْ شَاعَ هَذَاُُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 562
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست