responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 567
فَإِنْ قُلْتَ، كَيْفَ يُنْهَى عَنِ الطَّمَعِ فِي إِيمَانِهِمْ أَوْ يُعْجَبَ بِهِ وَالنَّبِيءُ وَالْمُسْلِمُونَ مَأْمُورُونَ بِدَعْوَةِ أُولَئِكَ إِلَى الْإِيمَانِ دَائِمًا؟ وَهَلْ لِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ ارْتِبَاطٌ بِمَسْأَلَةِ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ الَّذِي اسْتَحَالَتْهُ لِتَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ؟
قُلْتُ: إِنَّمَا نُهِينَا عَنِ الطَّمَعِ فِي إِيمَانِهِمْ لَا عَنْ دُعَائِهِمْ لِلْإِيمَانِ لِأَنَّنَا نَدْعُوهُمْ لِلْإِيمَانِ وَإِنْ كُنَّا آيِسِينَ مِنْهُ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ عَلَيْهِمْ وَفِي الْآخِرَةِ أَيْضًا، وَلِأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الْحَقِّ قَدْ تُصَادِفُ نَفْسًا نَيِّرَةً فَتَنْفَعُهَا، فَإِن استبعاد إيمَانه حُكْمٌ عَلَى غَالِبِهِمْ وَجَمْهَرَتِهِمْ أَمَّا الدَّعْوَةُ فَإِنَّهَا تَقَعُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ وَالْمَسْأَلَةُ أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ لِتَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا عَلِمَ اللَّهُ عَدَمَ وُقُوعِهِ وَتِلْكَ قَدْ كُنَّا أَجَبْنَا لَكُمْ فِيهَا جَوَابًا وَاضِحًا [1] وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ عَلِمَ عَدَمِ إِيمَانِ مِثْلِ أَبِي جَهْلٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُطْلِعْنَا عَلَى مَا عَلِمَهُ فِيهِ وَالْأَوَامِرُ الشَّرْعِيَّة لم تَجِيء بِتَخْصِيصِ أَحَدٍ بِدَعْوَةٍ حَتَّى يُقَالَ كَيْفَ أُمِرَ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ، وَأَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ فَقَدْ أَظْهَرَتْ نَفْيَ الطَّمَاعِيَةِ فِي إِيمَانِ مَنْ كَانَ دَأْبُهُمْ هَذِهِ الْأَحْوَالَ فَالْجَوَابُ عَنْهَا يَرْجِعُ إِلَى الْجَوَابِ الْأَعَمِّ وَهُوَ أَنَّ الدُّعَاءَ لِأَجْلِ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ وَهُوَ الْجَوَابُ الْأَعَمُّ لِأَصْحَابِنَا فِي مَسْأَلَةِ
التَّكْلِيفِ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ عَدَمَ وُقُوعِهِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَ أَحْوَالِهِمْ قَدْ تَتَغَيَّرُ فَيَكُونُ لِلطَّمَاعِيَةِ بَعْدَ ذَلِكَ حَظٌّ.
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لَكُمْ لِتَضْمِينِ يُؤْمِنُوا مَعْنَى يُقِرُّوا وَكَأَنَّ فِيهِ تَلْمِيحًا إِلَى أَنَّ إِيمَانَهُمْ بِصِدْقِ الرَّسُولِ حَاصِلٌ وَلَكِنَّهُمْ يُكَابِرُونَ وَيَجْحَدُونَ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ [الْبَقَرَة: 146] الْآيَةَ فَمَا أَبْدَعَ نَسْجَ الْقُرْآنِ.
وَيَجُوزُ حَمْلُ اللَّامِ عَلَى التَّعْلِيلِ وَجَعْلُ يُؤْمِنُوا مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ تَعْرِيضًا بِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَهُمْ عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِهِمْ وَهُمْ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِمْ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يَعْتَرِفُوا بِهِ لِأَجْلِكُمْ.
وَقَوْلُهُ: وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ هِيَ قَيْدُ إِنْكَارِ الطَّمَعِ فِي إِيمَانِهِمْ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّلَ هَذَا الْإِنْكَارَ بِعِلَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِالتَّفْرِيعِ عَلَى مَا عَلِمْنَاهُ، وَالثَّانِيَةُ بِالتَّقْيِيدِ بِمَا عَلِمْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ: فَرِيقٌ مِنْهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مِنْ قَومهمْ الأقدمين أومن الْحَاضِرِينَ فِي زَمَنِ

[1] عِنْد شرح قَوْله تَعَالَى: لَا يُؤْمِنُونَ [الْبَقَرَة: 6] وَانْظُر أَيْضا آخر شرح [الْبَقَرَة: 65] فَإِن فِيهَا ذكر مَسْأَلَة التَّكْلِيف الإلجائي (مصححه) .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 567
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست