responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 732
فَلَمَّا اعْتَقَدُوا اعْتِقَادًا كَالضَّرُورِيِّ وَبَّخَهُمْ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى النَّظَرِ فِي الطُّرُقِ الَّتِي اسْتَنَدُوا إِلَيْهَا فَيَعْلَمُوا أَنَّهَا طُرُقٌ غَيْرُ مُوَصِّلَةٍ، وَبِهَذَا تَعْلَمُونَ وَجِهَةَ الِاقْتِصَارِ عَلَى نَفْيِ الْحُضُورِ مَعَ أَنَّ نَفْيَ الْحُضُورِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ عَدَمَ الْوِجْدَانِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُودِ، فَالْمَقْصُودُ هُنَا الِاسْتِدْرَاجُ فِي إِبْطَالِ الدَّعْوَى بِإِدْخَالِ الشَّكِّ عَلَى مُدَّعِيهَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ قالَ لِبَنِيهِ بَدَلٌ مِنْ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ وَفَائِدَةُ الْمَجِيءِ بِالْخَبَرِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ دُونَ أَنْ يُقَالَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ قَالَ يَعْقُوبُ لِبَنِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، هِيَ قَصْدُ اسْتِقْلَالِ الْخَبَرِ وَأَهَمِّيَّةُ الْقِصَّةِ وَقَصْدُ حِكَايَتِهَا عَلَى تَرْتِيبِ حُصُولِهَا، وَقَصْدُ الْإِجْمَالِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ لِأَنَّ حَالَةَ حُضُورِ الْمَوْتِ لَا تَخْلُو مِنْ حَدَثٍ هَامٍّ سَيُحْكَى بَعْدَهَا فَيَتَرَقَّبُهُ السَّامِعُ.
وَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ جَاءَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ وَقْتُ التَّعْجِيلِ بِالْحِرْصِ عَلَى إِبْلَاغِ النَّصِيحَةِ فِي آخِرِ مَا يَبْقَى مِنْ كَلَامِ الْمُوصِي فَيَكُونُ لَهُ رُسُوخٌ فِي نُفُوسِ الْمُوصَيْنِ، أخرج أَبُو دَاوُود وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: «وَعْظَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا» الْحَدِيثَ.
وَجَاءَ يَعْقُوبُ فِي وَصِيَّتِهِ بِأُسْلُوبِ الِاسْتِفْهَامِ لِيَنْظُرَ مِقْدَارَ ثَبَاتِهِمْ عَلَى الدِّينِ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى خَالِصِ طَوِيَّتِهِمْ لِيُلْقِيَ إِلَيْهِمْ مَا سَيُوصِيهِمْ بِهِ مِنَ التَّذْكِيرِ وَجِيءَ فِي السُّؤَالِ بِمَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ دُونَ مَنْ لِأَنَّ مَا هِيَ الْأَصْلُ عِنْدَ قَصْدِ الْعُمُومِ لِأَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَعْبُدَهُ الْعَابِدُونَ.
وَاقْتَرَنَ ظَرْفُ بَعْدِي بِحَرْفِ (مِنْ) لَقَصْدِ التَّوْكِيدِ فَإِنَّ (مِنْ) هَذِهِ فِي الْأَصْلِ ابتدائية فقولك: حئت مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ يُفِيدُ أَنَّكَ جِئْتَ فِي أَوَّلِ الْأَزْمِنَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ ثُمَّ عُومِلَتْ مُعَامَلَةَ حَرْفِ تَأْكِيدٍ.
وَبَنُو يَعْقُوبَ هُمُ الْأَسْبَاطُ أَيْ أَسْبَاطُ إِسْحَاقَ وَمِنْهُمْ تَشَعَّبَتْ قَبَائِلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمُ اثْنَا عشر ابْنا: رأوبين، وَشَمْعُونُ، وَلَاوَى، وَيَهُوذَا، وَيَسَاكِرُ، وَزَبُولُونُ، (وَهَؤُلَاءِ أُمُّهُمْ لِيئَةَ) وَيُوسُفُ وَبِنْيَامِينُ (أُمُّهُمَا رَاحِيلُ) وَدَانُ وَنَفْتَالَى (أُمُّهُمَا بِلِهَةَ) وَجَادُ وَأُشِيرُ (أُمُّهُمَا زُلْفَةُ) .
وَقَدْ أَخْبَرَ الْقُرْآنُ بِأَنَّ جَمِيعَهُمْ صَارُوا أَنْبِيَاءَ وَأَنَّ يُوسُفَ كَانَ رَسُولًا.
وَوَاحِدُ الْأَسْبَاطِ سِبْطٌ- بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْبَاءِ- وَهُوَ ابْنُ الِابْنِ أَيِ الْحَفِيدُ، وَقَدْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 732
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست