نام کتاب : التفسير البياني للقرآن الكريم نویسنده : بنت الشاطئ، عائشة جلد : 1 صفحه : 45
الرازي وحده، عشرين تأويلاً! منها الضلال عن القبلة، ومنها الضلال عن الهجرة متحيراً في يد قريش يتمنى فراقهم ولكن لا يمكنه الخروج بغير إذن من ربه، ومنه الضلال عن أمور الدنيا وشئون التجارة، فهداه الله فربحت تجارته!
وقد نعلم من السيرة النبوية وتاريخ عصر المبعث، أن سيدنا محمداً كف عن شواغل التجارة قبل المبعث منذ آثر الاعتكاف والخلوة في غار حراء، وأنه - صلى الله عليه وسلم -، لم يتجه إلى الهجرة من مكة، إلا في عام الحزن، قبل الهجرة بثلاث سنوات، أي بعد نزول آية الضحى بسنين وصريح نصها، فيما كان من ماضي حال المصطفى عليه الصلاة والسلام، لا فيما يستقبل من أمره.
وذكر الزمخشري وأبو حيان في تفسير الضلال، أن سيدنا محمداً "ضل في شعاب مكة وهو صغير، فرده الله إلى جده، وقيل ضلاله من حليمة مرضعته، وقيل ضل في طريق الشام."
واستطرد أبو حيان يقول: إنه فكر طويلاً في هذه الآية، غير مطمئن إلى أقوال المفسرين فيها، وشغل بها في منامه، فإذا به يقول: وجدك ضالاً فهدى، أي وجد رهطك ضالاً فهداه بك. على حذف المضاف، أي رهط. ونظيره عنده، قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي أهلها.
وما بنا حاجة إلى كل هذه التأويلات، ما ذكرناه منها وما لم نذكر، بل يكتفي في الرد على من فسروا الضلال بالكفر، أن الاستعمال القرآني لا يلتزم دائماً هذا المعنى الاصطلاحي، وإنما لحظ فيه - كما رأينا - الأصل اللغوي من ضلال الطريق، أو عدم الإهتداء إلى الصواب:
قال إخوة يوسف لأبيهم" {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} وقالوا: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
وليس الضلال هنا كفراً، وإنما هو الشغف بيوسف.
نام کتاب : التفسير البياني للقرآن الكريم نویسنده : بنت الشاطئ، عائشة جلد : 1 صفحه : 45