responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 622
[سورة النساء (4) : الآيات 166 الى 171]
لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (170)
يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171)
قَوْلُهُ: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ الِاسْمُ الشَّرِيفُ مُبْتَدَأٌ وَالْفِعْلُ خَبَرُهُ، وَمَعَ تَشْدِيدِ النُّونِ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ لَكِنْ، وَالِاسْتِدْرَاكُ مِنْ مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَا نَشْهَدُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ بِهَذَا، أَيْ: الْوَحْيُ وَالنُّبُوَّةُ، فَنَزَلَ: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ. وَقَوْلُهُ: وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى أَوْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، أَيْ: مُتَلَبِّسًا بِعِلْمِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمَهُ غَيْرُهُ، مِنْ كَوْنِكَ أَهْلًا لِمَا اصْطَفَاكَ اللَّهُ لَهُ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَأَنْزَلَهُ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً أَيْ: كَفَى اللَّهُ شَاهِدًا، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَشَهَادَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: هِيَ مَا يَصْنَعُهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ النُّبُوَّةِ، فَإِنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ شهادة للنبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِصِدْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ هَذَا وَغَيْرِهِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِكُلِّ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، أَوْ بِهَذَا الْأَمْرِ الْخَاصِّ، وَهُوَ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ: وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ بِإِنْكَارِهِمْ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلم، وبقولهم: مَا نَجِدُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِنَا، وَإِنَّمَا النُّبُوَّةُ فِي وَلَدِ هَارُونَ وَدَاوُدَ، وَبِقَوْلِهِمْ: إِنَّ شَرْعَ مُوسَى لَا يُنْسَخُ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً عَنِ الْحَقِّ بِمَا فَعَلُوا، لِأَنَّهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ مَنَعُوا غَيْرَهُمْ عَنِ الْحَقِّ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِجَحْدِهِمْ وَظَلَمُوا غَيْرَهُمْ بِصَدِّهِمْ عَنِ السَّبِيلِ أَوْ ظَلَمُوا مُحَمَّدًا بِكِتْمَانِهِمْ نُبُوَّتَهُ أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ، وَيَجُوزُ الْحَمْلُ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْمَعَانِي لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ إِذَا اسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَمَاتُوا كَافِرِينَ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ لِكَوْنِهِمُ اقْتَرَفُوا مَا يُوجِبُ لَهُمْ ذَلِكَ بِسُوءِ اخْتِيَارِهِمْ، وَفَرْطِ شَقَائِهِمْ، وَجَحَدُوا الْوَاضِحَ، وَعَانَدُوا الْبَيِّنَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً أَيْ: يُدْخِلُهُمْ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا، وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ. وَقَوْلُهُ: أَبَداً مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَهُوَ لِدَفْعِ احْتِمَالِ أَنَّ الْخُلُودَ هُنَا يُرَادُ بِهِ الْمُكْثُ الطَّوِيلُ وَكانَ ذلِكَ أَيْ: تَخْلِيدُهُمْ فِي جَهَنَّمَ، أَوْ تَرْكُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ وَالْهِدَايَةُ مَعَ الْخُلُودِ فِي جَهَنَّمَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [1] فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ اخْتَلَفَ أَئِمَّةُ النَّحْوِ فِي انْتِصَابِ خَيْرًا عَلَى مَاذَا؟ فَقَالَ سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلُ: بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ:
وَاقْصُدُوا أَوِ ائْتُوا خَيْرًا لَكُمْ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: فَآمِنُوا إِيمَانًا خَيْرًا لَكُمْ، وَذَهَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَالْكِسَائِيُّ: إِلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لَكَانَ مُقَدَّرَةً، أَيْ: فَآمِنُوا يَكُنِ الْإِيمَانُ خَيْرًا لَكُمْ، وَأَقْوَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّالِثُ، ثُمَّ الْأَوَّلُ، ثُمَّ الثَّانِي عَلَى ضَعْفٍ فِيهِ وَإِنْ تَكْفُرُوا أَيْ: وَإِنْ تَسْتَمِرُّوا عَلَى كُفْرِكُمْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَنْتُمْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، ومن كان خالقا لَكُمْ وَلَهَا فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مُجَازَاتِكُمْ بِقَبِيحِ أَفْعَالِكُمْ، فَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَعِيدٌ لَهُمْ، مَعَ إِيضَاحِ وَجْهِ الْبُرْهَانِ، وَإِمَاطَةِ السَّتْرِ عَنِ الدَّلِيلِ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهِمُ الْقَبُولَ وَالْإِذْعَانَ. لِأَنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [2] قوله:
يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ الْغُلُوُّ: هُوَ التَّجَاوُزُ فِي الْحَدِّ، وَمِنْهُ: غَلَا السِّعْرُ يَغْلُو غَلَاءً، وَغَلَا الرَّجُلُ فِي الْأَمْرِ غُلُوًّا، وَغَلَا بِالْجَارِيَةِ لَحْمُهَا وَعَظْمُهَا: إِذَا أَسْرَعَتِ الشَّبَابَ فَجَاوَزَتْ لِدَاتَهَا. وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ:
النَّهْيُ لَهُمْ عَنِ الْإِفْرَاطِ تَارَةً وَالتَّفْرِيطِ أُخْرَى، فَمِنَ الْإِفْرَاطِ: غُلُوُّ النَّصَارَى فِي عِيسَى حَتَّى جَعَلُوهُ رَبًّا، ومن

[1] يس: 82. [.....]
[2] الزخرف: 87.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 622
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست