responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 623
التَّفْرِيطِ: غُلُوُّ الْيَهُودِ فِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى جَعَلُوهُ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ [1] وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
وَلَا تَغْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَاقْتَصِدْ ... كلا طرفي الْأُمُورِ ذَمِيمُ
وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَهُوَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ، وَلَا تَقُولُوا: الْبَاطِلَ، كَقَوْلِ الْيَهُودِ: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَقَوْلُ النَّصَارَى: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَسِيحُ: مُبْتَدَأٌ، وَعِيسَى: بَدَلٌ مِنْهُ، وَابْنُ مَرْيَمَ: صِفَةٌ لِعِيسَى، وَرَسُولُ اللَّهِ: الْخَبَرُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَطْفُ بَيَانٍ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَسِيحِ فِي آلِ عِمْرَانَ. قَوْلُهُ: وَكَلِمَتُهُ عَطْفٌ على رسول الله، وأَلْقاها إِلى مَرْيَمَ حَالٌ، أَيْ: كَوْنُهُ بُقُولَهُ: كُنْ فكان بشرا من غير أب، وقيل: وَكَلِمَتُهُ بِشَارَةُ اللَّهِ مَرْيَمَ وَرِسَالَتُهُ إِلَيْهَا عَلَى لِسَانِ جبريل بقوله: إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ [2] وَقِيلَ: الْكَلِمَةُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْآيَةِ، وَمِنْهُ: وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها [3] ، وقوله: ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [4] . قَوْلُهُ: وَرُوحٌ مِنْهُ أَيْ: أَرْسَلَ جِبْرِيلَ فَنَفَخَ فِي دِرْعِ مَرْيَمَ فَحَمَلَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ لِلتَّفْضِيلِ، وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْأَرْوَاحِ مِنْ خَلْقِهِ تَعَالَى وَقِيلَ: قَدْ يُسَمَّى مَنْ تَظْهَرُ مِنْهُ الْأَشْيَاءُ الْعَجِيبَةُ: رُوحًا وَيُضَافُ إِلَى اللَّهِ فَيُقَالُ: هَذَا رُوحٌ مِنَ اللَّهِ، أَيْ: مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا يُقَالُ فِي النِّعْمَةِ: إِنَّهَا مِنَ اللَّهِ، وَقِيلَ: رُوحٌ مِنْهُ أَيْ: مِنْ خَلْقْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [5] . أَيْ مِنْ خَلْقِهِ، وَقِيلَ: رُوحٌ مِنْهُ أَيْ: رَحْمَةٌ مِنْهُ، وَقِيلَ: رُوحٌ مِنْهُ أَيْ: بُرْهَانٌ مِنْهُ، وَكَانَ عِيسَى بُرْهَانًا وَحُجَّةً عَلَى قَوْمِهِ. وَقَوْلُهُ: مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةً لِرُوحٍ، أَيْ: كَائِنَةٌ مِنْهُ، وَجُعِلَتِ الرُّوحُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَإِنْ كَانَتْ بِنَفْخِ جِبْرِيلَ: لِكَوْنِهِ تَعَالَى الْآمِرَ لِجِبْرِيلَ بِالنَّفْخِ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أَيْ: بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَبِأَنَّ رُسُلَهُ صَادِقُونَ مُبَلِّغُونَ عَنِ اللَّهِ مَا أَمَرَهُمْ بِتَبْلِيغِهِ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَلَا تَغْلُوا فِيهِمْ، فَتَجْعَلُوا بَعْضَهُمْ آلِهَةً. قَوْلُهُ: وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ ارْتِفَاعُ ثَلَاثَةٌ: عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ: لَا تَقُولُوا: آلِهَتُنَا ثَلَاثَةٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: أَيْ: لَا تَقُولُوا هُمْ ثَلَاثَةٌ كقوله: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ [6] وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: لَا تَقُولُوا هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، فَحُذِفَ الْمُبْتَدَأُ وَالْمُضَافُ، وَالنَّصَارَى مَعَ تَفَرُّقِ مَذَاهِبِهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّثْلِيثِ، وَيَعْنُونَ بِالثَّلَاثَةِ: الثلاثة أقانيم فَيَجْعَلُونَهُ سُبْحَانَهُ جَوْهَرًا وَاحِدًا وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَقَانِيمَ، وَيَعْنُونَ بِالْأَقَانِيمِ: أُقْنُومُ الْوُجُودِ، وَأُقْنُومُ الْحَيَاةِ، وَأُقْنُومُ الْعِلْمِ، وَرُبَّمَا يُعَبِّرُونَ عَنِ الْأَقَانِيمِ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ، فَيَعْنُونَ بِالْأَبِ الْوُجُودَ، وَبِالرُّوحِ الْحَيَاةَ، وَبِالِابْنِ الْمَسِيحَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآلِهَةِ الثَّلَاثَةِ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَمَرْيَمُ، وَالْمَسِيحُ. وَقَدِ اخْتَبَطَ النَّصَارَى فِي هَذَا اخْتِبَاطًا طَوِيلًا.
وَوَقَفْنَا فِي الْأَنَاجِيلِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا عِنْدَهُمُ اسْمُ الْإِنْجِيلِ عَلَى اخْتِلَافٍ كَثِيرٍ فِي عِيسَى: فَتَارَةً يُوصَفُ بِأَنَّهُ ابْنُ الْإِنْسَانِ، وَتَارَةً يُوصَفُ بِأَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ، وَتَارَةً يُوصَفُ بِأَنَّهُ ابْنُ الرَّبِّ، وَهَذَا تناقض ظاهر وتلاعب

[1] يقال ولد فلان لغير رشدة: «لغيّة وزنية» (لسان العرب) .
[2] آل عمران: 45.
[3] التحريم: 12.
[4] لقمان: 27.
[5] الجاثية: 13.
[6] الكهف: 22.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 623
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست