نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 195
وما استيسر من الهدي، أي ما تيسر، والهدي من النعم، وهي الإبل والبقر والغنم والمعز، ويجوز أن يشترك عدد من الحجاج في بدنة أي ناقة أو بقرة، كما اشترك كل سبعة في بدنة في عمرة الحديبية، فيكون هذا هو ما استيسر ويجوز أن يهدي الواحد واحدة من الضأن أو المعز فتجزئ.
والحكمة من هذا الاستدراك في حالة الإحصار بالعدو كما وقع في عام الحديبية، أو الإحصار بالمرض، هي التيسير، فالغرض الأول من الشعائر هو استجاشة مشاعر التقوى والقرب من الله، والقيام بالطاعات المفروضة. فإذا تم هذا، ثم وقف العدو أو المرض أو ما يشبهه في الطريق فلا يحرم الحاج أو المعتمر أجر حجته أو عمرته. ويعتبر كأنه قد أتم. فينحر ما معه من الهدى ويحل. وهذا التيسير هو الذي يتفق مع روح الإسلام وغاية الشعائر وهدف العبادة.
وبعد هذا الاستدراك من الأمر الأول العام، يعود السياق فينشئ حكماً جديداً عاماً من أحكام الحج والعمرة.
«وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» ..
وهذا في حالة الإتمام وعدم وجود الإحصار. فلا يجوز حلق الرؤوس- وهو إشارة إلى الإحلال من الإحرام بالحج أو العمرة أو منهما معاً- إلا بعد أن يبلغ الهدي محله. وهو مكان نحره. بعد الوقوف بعرفة، والإفاضة منها. والنحر يكون في منى في اليوم العاشر من ذي الحجة، وعندئذ يحل المحرم. أما قبل بلوغ الهدي محله فلا حلق ولا تقصير ولا إحلال.
واستدراكاً من هذا الحكم العام يجيء هذا الاستثناء:
«فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» ..
ففي حالة ما إذا كان هناك مرض يقتضي حلق الرأس، أو كان به أذى من الهوام التي تتكون في الشعر حين يطول ولا يمشط، فالإسلام دين اليسر والواقع يبيح للمحرم أن يحلق شعره، - قبل أن يبلغ الهدي الذي ساقه عند الإحرام محله، وقبل أن يكمل أفعال الحج- وذلك في مقابل فدية: صيام ثلاثة أيام، أو صدقة بإطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة والتصدق بها. وهذا التحديد لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم- قال البخاري- بإسناده إلى كعب بن عجرة- قال: حملت إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي.
فقال: «ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا. أما تجد شاة؟ قلت: لا. قال: صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، وأحلق رأسك» ..
ثم يعود إلى حكم جديد عام في الحج والعمرة:
«فَإِذا أَمِنْتُمْ، فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» ..
أي فإذا لم تحصروا، وتمكنتم من أداء الشعائر، فمن أراد التمتع بالعمرة إلى الحج فلينحر ما استيسر من الهدي.. وتفصيل هذا الحكم: أن المسلم قد يخرج للعمرة فيهل محرماً عند الميقات. حتى إذا فرغ من العمرة- وهي تتم بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة- أحرم للحج وانتظر أيامه. وهذا إذا كان في أشهر الحج، وهي شوال وذو القعدة والعشرة الأولى من ذي الحجة.. هذه صورة من صور التمتع بالحج إلى العمرة. والصورة الثانية هي أن يحرم من الميقات بعمرة وحج معاً. فإذا قضى مناسك العمرة انتظر حتى يأتي موعد الحج. وهذه هي الصورة الثانية للتمتع- وفي أي من الحالتين على المعتمر المتمتع أن ينحر ما استيسر من الهدي بعد العمرة ليحل منها ويتمتع بالإحلال ما بين قضائه للعمرة وقضائه للحج. وما استيسر يشمل
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 195