responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 197
وبعد النهي عن فعل القبيح يحبب إليهم فعل الجميل:
«وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ» ..
ويكفي في حس المؤمن أن يتذكر أن الله يعلم ما يفعله من خير ويطلع عليه، ليكون هذا حافزا على فعل الخير، ليراه الله منه ويعلمه.. وهذا وحده جزاء.. قبل الجزاء..
ثم يدعوهم إلى التزود في رحلة الحج.. زاد الجسد وزاد الروح.. فقد ورد أن جماعة من أهل اليمن كانوا يخرجون من ديارهم للحج ليس معهم زاد، يقولون: نحج بيت الله ولا يطعمنا! وهذا القول- فوق مخالفته لطبيعة الإسلام التي تأمر باتخاذ العدة الواقعية في الوقت الذي يتوجه فيه القلب إلى الله ويعتمد عليه كل الاعتماد- يحمل كذلك رائحة عدم التحرج في جانب الحديث عن الله، ورائحة الامتنان على الله بأنهم يحجون بيته فعليه أن يطعمهم!! ومن ثم جاء التوجيه إلى الزاد بنوعيه، مع الإيحاء بالتقوى في تعبير عام دائم الإيحاء:
«وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى. وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ» ..
والتقوى زاد القلوب والأرواح. منه تقتات. وبه تتقوى وترف وتشرق. وعليه تستند في الوصول والنجاة.
وأولو الألباب هم أول من يدرك التوجيه إلى التقوى، وخير من ينتفع بهذا الزاد.
198- ثم يمضي في بيان أحكام الحج وشعائره، فيبين حكم مزاولة التجارة أو العمل بأجر بالنسبة للحاج. وحكم الإفاضة ومكانها. وما يجب من الذكر والاستغفار بعدها:
«لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ، وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ. ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ..
قال البخاري- بإسناده- عن ابن عباس. قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية.
فتأثموا أن يتجروا في الموسم. فنزلت: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» في مواسم الحج.
وروى أبو داود- بإسناده من طريق آخر- إلى ابن عباس. قال: كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج، يقولون: أيام ذكر. فأنزل الله: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» ..
وفي رواية عن أبي أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا نُكري. فهل لنا من حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت، وتأتون بالمعروف، وترمون الجمار، وتحلقون رؤوسكم؟ قال: قلنا: بلى. فقال ابن عمر:
جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الذي سألتني فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية:
«لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» .
وفي رواية عن أبي صالح مولى عمر (رواها ابن جرير) قال: قلت: يا أمير المؤمنين. كنتم تتجرون في الحج؟ قال: وهل كانت معايشهم إلا في الحج؟
وهذا التحرج الذي تذكره الروايتان الأوليان من التجارة، والتحرج الذي تذكره الرواية الثالثة عن الكراء أو العمل بأجر في الحج.. هو طرف من ذلك التحرج الذي أنشأه الإسلام في النفوس من كل ما كان سائغاً في الجاهلية، وانتظار رأي الإسلام فيه قبل الإقدام عليه. وهي الحالة التي تحدثنا عنها في أوائل هذا الجزء،

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست