نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 241
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ»
... «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» .. والجمهور على أنها تدخل في هذا النص.. ولكني أميل إلى اعتبار الرأي القائل بالتحريم في هذه الحالة. وقد رواه البخاري عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال ابن عمر: «لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول ربها عيسى» ..
فأما الأمر في زواج الكتابي من مسلمة فهو محظور لأنه يختلف في واقعه عن زواج المسلم بكتابية- غير مشركة- ومن هنا يختلف في حكمه.. إن الأطفال يدعون لآبائهم بحكم الشريعة الإسلامية. كما أن الزوجة هي التي تتنقل إلى أسرة الزوج وقومه وأرضه بحكم الواقع. فإذا تزوج المسلم من الكتابية (غير المشركة) انتقلت هي إلى قومه، ودعي أبناؤه منها باسمه، فكان الإسلام هو الذي يهيمن ويظلل جو المحصن. ويقع العكس حين تتزوج المسلمة من كتابي، فتعيش بعيداً عن قومها، وقد يفتنها ضعفها ووحدتها هنالك عن إسلامها، كما أن أبناءها يدعون إلى زوجها، ويدينون بدين غير دينها. والإسلام يجب أن يهيمن دائماً.
على أن هناك اعتبارات عملية قد تجعل المباح من زواج المسلم بكتابية مكروهاً. وهذا ما رآه عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أمام بعض الاعتبارات:
قال ابن كثير في التفسير: «قال أبو جعفر بن جرير رحمة الله- بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات- وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني» ..
وروي أن حذيفة تزوج يهودية فكتب إليه عمر: خل سبيلها. فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟
فقال: لا أزعم أنها حرام ولكن أخاف أن تعاظلوا المؤمنات منهن. وفي رواية أخرى أنه قال: المسلم يتزوج النصرانية. والمسلمة؟
ونحن نرى اليوم أن هذه الزيجات شر على البيت المسلم.. فالذي لا يمكن إنكاره واقعياً أن الزوجة اليهودية أو المسيحية أو اللادينية تصبغ بيتها وأطفالها بصبغتها، وتخرج جيلاً أبعد ما يكون عن الإسلام. وبخاصة في هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه، والذي لا يطلق عليه الإسلام إلا تجوزاً في حقيقة الأمر. والذي لا يمسك من الإسلام إلا بخيوط واهية شكلية تقضي عليها القضاء الأخير زوجة تجيء من هناك! 222- «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ. قُلْ: هُوَ أَذىً. فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ. فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ. فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ، وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» ..
وهذه لفتة أخرى إلى تلك العلاقة ترفعها إلى الله وتسمو بأهدافها عن لذة الجسد حتى في أشد أجزائها علاقة بالجسد.. في المباشرة..
إن المباشرة في تلك العلاقة وسيلة لا غاية. وسيلة لتحقيق هدف أعمق في طبيعة الحياة. هدف النسل وامتداد الحياة، ووصلها كلها بعد ذلك بالله. والمباشرة في المحيض قد تحقق اللذة الحيوانية- مع ما ينشأ عنها من أذى ومن أضرار صحية مؤكدة للرجل والمرأة سواء- ولكنها لا تحقق الهدف الأسمى. فضلا على انصراف الفطرة السليمة النظيفة عنها في تلك الفترة. لأن الفطرة السليمة يحكمها من الداخل ذات القانون الذي يحكم الحياة. فتنصرف بطبعها- وفق هذا القانون- عن المباشرة في حالة ليس من الممكن أن يصح فيها غرس، ولا أن تنبت منها حياة. والمباشرة في الطهر تحقق اللذة الطبيعية، وتحقق معها الغاية الفطرية. ومن ثم جاء ذلك النهي إجابة عن ذلك السؤال:
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 241