responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 325
وعن أبي سعيد الخدري أيضاً قال: جاء بلال إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- بتمر برني فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم- «من أين هذا؟» قال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع. فقال: أوَّه! عين الربا. عين الربا. لا تفعل. ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتر به» [1] .
فأما النوع الأول فالربا ظاهر فيه لا يحتاج إلى بيان، إذ تتوافر فيه العناصر الأساسية لكل عملية ربوية.
وهي: الزيادة على أصل المال. والأجل الذي من أجله تؤدى هذه الزيادة.. وكون هذه الفائدة شرطاً مضموناً في التعاقد. أي ولادة المال للمال بسبب المدة ليس إلا..
وأما النوع الثاني، فما لا شك فيه أن هناك فروقاً أساسية في الشيئين المتماثلين هي التي تقتضي الزيادة. وذلك واضح في حادثة بلال حين أعطى صاعين من تمره الرديء وأخذ صاعاً من التمر الجيد.. ولكن لأن تماثل النوعين في الجنس يخلق شبهة أن هناك عملية ربوية، إذ يلد التمر التمر! فقد وصفه- صلى الله عليه وسلم- بالربا. ونهى عنه. وأمر ببيع الصنف المراد استبداله بالنقد. ثم شراء الصنف المطلوب بالنقد أيضاً. إبعاداً لشبح الربا من العملية تماماً! وكذلك شرط القبض: «يداً بيد» .. كي لا يكون التأجيل في بيع المثل بالمثل، ولو من غير زيادة، فيه شبح من الربا، وعنصر من عناصره! إلى هذا الحد بلغت حساسية الرسول- صلى الله عليه وسلم- بشبح الربا في أية عملية. وبلغت كذلك حكمته في علاج عقلية الربا التي كانت سائدة في الجاهلية.
فأما اليوم فيريد بعض المهزومين أمام التصورات الرأسمالية الغربية والنظم الرأسمالية الغربية أن يقصروا التحريم على صورة واحدة من صور الربا- ربا النسيئة- بالاستناد إلى حديث أسامة، وإلى وصف السلف للعمليات الربوية في الجاهلية. وأن يحلوا- دينياً- وباسم الإسلام! - الصور الأخرى المستحدثة التي لا تنطبق في حرفية منها على ربا الجاهلية! ولكن هذه المحاولة لا تزيد على أن تكون ظاهرة من ظواهر الهزيمة الروحية والعقلية.. فالإسلام ليس نظام شكليات. إنما هو نظام يقوم على تصور أصيل. فهو حين حرم الربا لم يكن يحرم صورة منه دون صورة.
إنما كان يناهض تصوراً يخالف تصوره ويحارب عقلية لا تتمشى مع عقليته. وكان شديد الحساسية في هذا إلى حد تحريم ربا الفضل إبعاداً لشبح العقلية الربوية والمشاعر الربوية من بعيد جداً! ومن ثم فإن كل عملية ربوية حرام. سواء جاءت في الصور التي عرفتها الجاهلية أم استحدثت لها أشكال جديدة. ما دامت تتضمن العناصر الأساسية للعملية الربوية، أو تتسم بسمة العقلية الربوية.. وهي عقلية الأثرة والجشع والفردية والمقامرة. وما دام يتلبس بها ذلك الشعور الخبيث. شعور الحصول على الربح بأية وسيلة! فينبغي أن نعرف هذه الحقيقة جيداً. ونستيقن من الحرب المعلنة من الله ورسوله على المجتمع الربوي.
«الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ» ..
والذين يأكلون الربا ليسوا هم الذين يأخذون الفائدة الربوية وحدهم- وإن كانوا هم أول المهددين بهذا النص الرعيب- إنما هم أهل المجتمع الربوي كلهم.

[1] متفق عليه.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست