responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 381
كذلك. فليس هو مجرد النطق باللسان أو الاعتقاد بالجنان. إنما هو كذلك الاستسلام. استسلام الطاعة والاتباع..
وإسلام الوجه كناية عن هذا الاستسلام. والوجه أعلى وأكرم ما في الإنسان. فهي صورة الانقياد الطائع الخاضع المتبع المستجيب.
هذا اعتقاد محمد- صلى الله عليه وسلم- ومنهج حياته. والمسلمون متبعوه ومقلدوه في اعتقاده ومنهج حياته.. فليسأل إذن أهل الكتاب والأميين سؤال التبين والتمييز ووضع الشارة المميزة للمعسكرين على وضوح لا اختلاط فيه ولا اشتباه:
«وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ: أَأَسْلَمْتُمْ؟» ..
فهم سواء. هؤلاء وهؤلاء. المشركون وأهل الكتاب هم مدعوون إلى الإسلام بمعناه الذي شرحناه. مدعوون للإقرار بتوحيد ذات الله، ووحدة الألوهية ووحدة القوامة. مدعوون بعد هذا الإقرار إلى الخضوع لمقتضاه.
وهو تحكيم كتاب الله ونهجه في الحياة.
«فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا» ..
فالهدى يتمثل في صورة واحدة. هي صورة الإسلام. بحقيقته تلك وطبيعته. وليس هنالك صورة أخرى، ولا تصور آخر، ولا وضع آخر، ولا منهج آخر يتمثل فيه الاهتداء.. إنما هو الضلال والجاهلية والحيرة والزيغ والالتواء..
«وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ» ..
فعند البلاغ تنتهي تبعة الرسول وينتهي عمله. وكان هذا قبل أن يأمره الله بقتال من لا يقبلون الإسلام حتى ينتهوا: إما إلى اعتناق الدين والخضوع للنظام الذي يتمثل فيه. وإما إلى التعهد فقط بالطاعة للنظام في صورة أداء الجزية.. حيث لا إكراه على الاعتقاد..
«وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ» ..
يتصرف في أمرهم وفق بصره وعلمه. وأمرهم إليه على كل حال.
21- 22- ولكنه لا يدعهم حتى يبين لهم مصيرهم الذي ينتظرهم وينتظر أمثالهم وفق سنة الله الماضية أبداً في المكذبين والبغاة:
«إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ، وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ، فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ. أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ» ..
فهذا هو المصير المحتوم: عذاب أليم. لا يحدده بالدنيا أو بالآخرة. فهو متوقع هنا وهناك. وبطلان لأعمالهم في الدنيا والآخرة في تعبير مصور. فالحبوط هو انتفاخ الدابة التي ترعى نبتاً مسموماً، توطئة لهلاكها..
وهكذا أعمال هؤلاء قد تنتفخ وتتضخم في الأعين. ولكنه الانتفاخ المؤدي إلى البطلان والهلاك! حيث لا ينصرهم ناصر ولا يدفع عنهم حام! وذكر الكفر بآيات الله مصحوباً بقتل النبيين بغير حق- وما يمكن أن يقتل نبي ثم يكون هناك حق- وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس- أي الذين يأمرون باتباع منهج الله القائم بالقسط المحقق وحده للقسط..
ذكر هذه الصفات يوحي بأن التهديد كان موجهاً لليهود، فهذه سمتهم في تاريخهم يعرفون بها متى ذكرت! ولكن هذا لا يمنع أن يكون الكلام موجهاً للنصارى كذلك. فقد كانوا حتى ذلك التاريخ قتلوا الألوف من

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست