نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 415
وما يزال هذا الكيد قائماً ومطرداً. وما تزال مثابة الأمان والنجاة منه هي اللياذ بهذا الكتاب المحفوظ والعودة إليه لاستشارته في المعركة الناشبة طوال هذه القرون.
72- كذلك يعرض بعض المحاولات التي يبذلها فريق من أهل الكتاب لبلبلة الجماعة المسلمة في دينها، وردها عن الهدى، من ذلك الطريق الماكر اللئيم:
«وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ... » ..
وهي طريقة ما كرة لئيمة كما قلنا. فإن إظهارهم الإسلام ثم الرجوع عنه، يوقع بعض ضعاف النفوس والعقول وغير المتثبتين من حقيقة دينهم وطبيعته.. يوقعهم في بلبلة واضطراب. وبخاصة العرب الأميين، الذين كانوا يظنون أن أهل الكتاب أعرف منهم بطبيعة الديانات والكتب. فإذا رأوهم يؤمنون ثم يرتدون، حسبوا أنهم إنما ارتدوا بسبب اطلاعهم على خبيئة ونقص في هذا الدين. وتأرجحوا بين اتجاهين فلم يكن لهم ثبات على حال.
وما تزال هذه الخدعة تتخذ حتى اليوم. في شتى الصور التي تناسب تطور الملابسات والناس في كل جيل..
ولقد يئس أعداء المسلمين أن تنطلي اليوم هذه الخدعة، فلجأت القوى المناهضة للإسلام في العالم إلى طرق شتى، كلها تقوم على تلك الخدعة القديمة.
إن لهذه القوى اليوم في أنحاء العالم الإسلامي جيشاً جراراً من العملاء في صورة أساتذة وفلاسفة ودكاترة وباحثين- وأحياناً كتاب وشعراء وفنانين وصحفيين- يحملون أسماء المسلمين، لأنهم انحدروا من سلالة مسلمة! وبعضهم من «علماء» المسلمين! هذا الجيش من العملاء موجه لخلخلة العقيدة في النفوس بشتى الأساليب، في صورة بحث وعلم وأدب وفن وصحافة. وتوهين قواعدها من الأساس. والتهوين من شأن العقيدة والشريعة سواء. وتأويلها وتحميلها ما لا تطيق. والدق المتصل على «رجعيتها» ! والدعوة للتلفت منها. وإبعادها عن مجال الحياة إشفاقا عليها من الحياة أو إشفاقا على الحياة منها! وابتداع تصورات ومثل وقواعد للشعور والسلوك تناقض وتحطم تصورات العقيدة ومثلها. وتزيين تلك التصورات المبتدعة بقدر تشويه التصورات والمثل الإيمانية. وإطلاق الشهوات من عقالها وسحق القاعدة الخلقية التي تستوي عليها العقيدة النظيفة لتخر في الوحل الذي ينثرونه في الأرض نثراً! ويشوهون التاريخ كله ويحرفونه كما يحرفون النصوص! وهم بعد مسلمون! أليسوا يحملون أسماء المسلمين؟ وهم بهذه الأسماء المسلمة يعلنون الإسلام وجه النهار.
وبهذه المحاولات المجرمة يكفرون آخره.. ويؤدون بهذه وتلك دور أهل الكتاب القديم. لا يتغير إلا الشكل والإطار في ذلك الدور القديم! وكان أهل الكتاب يقول بعضهم لبعض: تظاهروا بالإسلام أول النهار واكفروا آخره لعل المسلمين يرجعون عن دينهم. 73- وليكن هذا سراً بينكم لا تبدونه ولا تأتمنون عليه إلا أهل دينكم:
«وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ» ..
وفعل الإيمان حين يعدّى باللام يعني الاطمئنان والثقة. أي ولا تطمئنوا إلا لمن تبع دينكم، ولا تفضوا بأسراركم إلا لهؤلاء دون المسلمين!
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 415