نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 414
«وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ» ..
فهو ود النفس ورغبة القلب والشهوة التي تهفو إليها الأهواء من وراء كل كيد، وكل دس، وكل مراء، وكل جدال، وكل تلبيس.
وهذه الرغبة القائمة على الهوى والحقد والشر، ضلال لا شك فيه. فما تنبعث مثل هذه الرغبة الشريرة الآثمة عن خير ولا عن هدى. فهم يوقعون أنفسهم في الضلالة في اللحظة التي يودون فيها إضلال المسلمين.
فما يحب إضلال المهتدين إلا ضال يهيم في الضلال البهيم:
«وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ. وَما يَشْعُرُونَ» ..
والمسلمون مكفيون أمر أعدائهم هؤلاء ما استقاموا على إسلامهم وما لهم عليهم من سبيل. والله سبحانه يتعهد لهم ألا يصيبهم كيد الكائدين، وأن يرتد عليهم كيدهم ما بقي المسلمون مسلمين.
70- هنا يقرع أهل الكتاب بحقيقة موقفهم المريب المعيب:
«يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ؟ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ؟» ..
ولقد كان أهل الكتاب وقتها- وما يزالون حتى اليوم- يشهدون الحق واضحاً في هذا الدين. سواء منهم المطلعون على حقيقة ما جاء في كتبهم عنه من بشارات وإشارات- وكان بعضهم يصرح بما يجد من هذا كله وبعضهم يسلم بناء على هذا الذي يجده في كتبه ويشهده متحققاً أمامه- وسواء كذلك غير المطلعين، ولكنهم يجدون في الإسلام من الحق الواضح ما يدعو إلى الإيمان.. غير أنهم يكفرون.. لا لنقص في الدليل. ولكن للهوى والمصلحة والتضليل.. والقرآن يناديهم: «يا أَهْلَ الْكِتابِ» .. لأنها الصفة التي كان من شأنها أن تقودهم إلى آيات الله وكتابه الجديد.
71- كذلك يناديهم مرة أخرى ليفضح ما يقومون به من لبس الحق بالباطل لإخفائه وكتمانه وتضييعه في غمار الباطل، على علم وعن عمد وفي قصد.. وهو أمر مستنكر قبيح! وهذا الذي ندد الله به- سبحانه- من أعمال أهل الكتاب حينذاك، هو الأمر الذي درجوا عليه من وقتها حتى اللحظة الحاضرة.. فهذا طريقهم على مدار التاريخ.. اليهود بدأوا منذ اللحظة الأولى. ثم تابعهم الصليبيون! وفي خلال القرون المتطاولة دسوا- مع الأسف- في التراث الإسلامي ما لا سبيل إلى كشفه إلا بجهد القرون! ولبسوا الحق بالباطل في هذا التراث كله- اللهم إلا هذا الكتاب المحفوظ الذي تكفل الله بحفظه أبد الآبدين- والحمد لله على فضله العظيم.
دسوا ولبسوا في التاريخ الإسلامي وأحداثه ورجاله. ودسوا ولبسوا في الحديث النبوي حتى قيض الله له رجاله الذين حققوه وحرروه إلا ما ند عن الجهد الإنساني المحدود. ودسوا ولبسوا في التفسير القرآني حتى تركوه تيهاً لا يكاد الباحث يفيء فيه إلى معالم الطريق. ودسوا ولبسوا في الرجال أيضاً. فالمئات والألوف كانوا دسيسة على التراث الإسلامي- وما يزالون في صورة المستشرقين وتلاميذ المستشرقين الذين يشغلون مناصب القيادة الفكرية اليوم في البلاد التي يقول أهلها: إنهم مسلمون. والعشرات من الشخصيات المدسوسة على الأمة المسلمة في صورة أبطال مصنوعين على عين الصهيونية والصليبية، ليؤدوا لأعداء الإسلام من الخدمات ما لا يملك هؤلاء الأعداء أن يؤدوه ظاهرين!
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 414