نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 413
مع إبراهيم- عليه السلام- في المنهج والطريق.
«وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ» ..
فهم حزبه الذين ينتمون إليه، ويستظلون برايته، ويتولونه ولا يتولون أحداً غيره. وهم أسرة واحدة.
وأمة واحدة. من وراء الأجيال والقرون، ومن وراء المكان والأوطان ومن وراء القوميات والأجناس، ومن وراء الأرومات والبيوت! وهذه الصورة هي أرقى صورة للتجمع الإنساني تليق بالكائن الإنساني. وتميزه من القطيع! كما أنها هي الصورة الوحيدة التي تسمح بالتجمع بلا قيود. لأن القيد الواحد فيها اختياري يمكن لكل من يشاء أن يفكه عن نفسه بإرادته الذاتية. فهو عقيدة يختارها بنفسه فينتهي الأمر.. على حين لا يملك الفرد أن يغير جنسه- إن كانت رابطة التجمع هي الجنس- ولا يملك أن يغير قومه- إن كانت رابطة التجمع هي القوم- ولا يملك أن يغير لونه- إن كانت رابطة التجمع هي اللون- ولا يملك بيسر أن يغير لغته إن كانت رابطة التجمع هي اللغة- ولا يملك بيسر أن يغير طبقته- إن كانت رابطة التجمع هي الطبقة- بل قد لا يستطيع أن يغيرها أصلا إن كانت الطبقات وراثة كما في الهند مثلاً. ومن ثم تبقى الحواجز قائمة أبداً دون التجمع الإنساني، ما لم ترد إلى رابطة الفكرة والعقيدة والتصور.. الأمر المتروك للاقتناع الفردي، والذي يملك الفرد بذاته، بدون تغيير أصله أو لونه أو لغته أو طبقته أن يختاره، وأن ينضم إلى الصف على أساسه.
وذلك فوق ما فيه من تكريم للإنسان، بجعل رابطة تجمعه مسألة تتعلق بأكرم عناصره، المميزة له من القطيع! والبشرية إما أن تعيش- كما يريدها الإسلام- أناسيّ تتجمع على زاد الروح وسمة القلب وعلامة الشعور..
وإما أن تعيش قطعاناً خلف سياج الحدود الأرضية، أو حدود الجنس واللون.. وكلها حدود مما يقام للماشية في المرعى كي لا يختلط قطيع بقطيع!!! 69- ثم يكشف للجماعة المسلمة عما يريده بها أهل الكتاب من وراء كل جدال وكل مراء. ويواجه أهل الكتاب بألاعيبهم وكيدهم وتدبيرهم على مرأى ومسمع من الجماعة المسلمة أيضاً. وهو يمزق عنهم الأردية التي يتخفون تحتها، فيقفهم أمام الجماعة المسلمة عراة مفضوحين:
«وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ. وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ. يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ؟ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ؟ وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ- قُلْ: إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ- أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ- قُلْ: إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» .
إن الإحنة التي يكنها أهل الكتاب للجماعة المسلمة هي الإحنة المتعلقة بالعقيدة. إنهم يكرهون لهذه الأمة أن تهتدي. يكرهون لها أن تفيء إلى عقيدتها الخاصة في قوة وثقة ويقين. ومن ثم يرصدون جهودهم كلها لإضلالها عن هذا المنهج، والإلواء بها عن هذا الطريق:
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 413