نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 463
أن قال: يا عدو الله. إن الذين ذكرتهم أحياء. وقد أبقى الله لك ما يسؤوك! فقال: قد كان في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني! (يشير بذلك إلى ما صنعته زوجه هند بجثمان حمزة- رضي الله عنه- بعد أن قتله وحشي حين بقرت بطنه، واستخرجت كبده. فلاكتها ثمّ لفظتها!) ثم قال: اعل هبل! فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ألا تجيبونه؟ قالوا: بماذا نجيبه؟ قال:
قولوا: الله أعلى وأجل. قال: لنا العزى ولا عزى لكم! قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ألا تجيبونه؟ قالوا: بماذا نجيبه؟ قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم.. قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر والحرب سجال. فقال عمر- رضي الله عنه-: لا سواء. قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
ولما انقضت المعركة انصرف المشركون، فظن المسلمون أنهم قصدوا المدينة لسبي الذراري وإحراز الأموال.
فشق ذلك عليهم. فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه- «أخرج في آثار القوم، فانظر ماذا يصنعون، وماذا يريدون. فإن هم جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة. وإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة. فو الذي نفسي بيده لو أرادوها لأسيرن إليهم ثم لأناجزهم فيها» ..
قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون. فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل، ووجهوا مكة.
فلما كانوا في بعض الطريق تلاوموا فيما بينهم، وقال بعضهم: لم تصنعوا شيئاً، أصبتم شوكتهم وحدهم، ثم تركتموهم وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم. فارجعوا حتى نستأصل شأفتهم.. فبلغ ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فنادى في الناس، وندبهم إلى المسير إلى لقاء عدوهم وقال: «لا يخرج معنا إلا من شهد القتال. فقال له عبد الله بن أبي: أركب معك. قال: لا. فاستجاب له المسلمون على ما بهم من الجرح الشديد والخوف وقالوا: سمعاً وطاعة. وأستأذنه جابر بن عبد الله. وقال: يا رسول الله إني أحب ألا تشهد مشهداً إلا كنت معك، وإنما خلفني أبي على بناته يوم أحد، فأذن لي أسير معك، فأذن له، فسار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والمسلمون معه حتى بلغوا حمراء الأسد وأقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأمره أن يلحق بأبي سفيان فيخذّله، فلحقه بالروحاء، ولم يعلم بإسلامه، فقال: وما وراءك يا معبد؟ فقال: محمد وأصحابه قد تحرقوا عليكم، وخرجوا في جمع لم يخرجوا في مثله، وقد ندم من كان تخلف عنهم من أصحابهم. فقال: ما تقول؟ فقال: ما أرى أن ترتحل حتى يطلع الجيش وراء هذه الأكمة! فقال أبو سفيان: والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم. قال: فلا تفعل فإني لك ناصح! فرجعوا على أعقابهم إلى مكة.
ولقي أبو سفيان بعض المشركين يريدون المدينة فقال: هل لك أن تبلغ محمداً رسالة، وأوقر لك راحلتك زبيباً إذا أتيت إلى مكة؟ قال: نعم. قال: أبلغ محمداً أنا قد جمعنا الكرة لنستأصله ونستأصل أصحابه. فلما بلغهم قوله قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. ولم يفت ذلك في عضدهم. وأقاموا ثلاثة أيام ينتظرون. ثم عرفوا أن المشركين أبعدوا في طريقهم إلى مكة منصرفين. فعادوا إلى المدينة..
وبعد فإن هذا الملخص لأحداث الغزوة لا يصور كل جوانبها، ولا يسجل كل ما وقع فيها، مما هو موضع المثل والعبرة.. ومن ثم نذكر بعض الوقائع الموحية، تكملة لرسم الجو واستحيائه:
كان عمرو ابن قميئة من المشركين الذين خلصوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين أفرد في فترة
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 463