نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 464
اضطراب المعركة، عقب تخلي الرماة عن أماكنهم، وإحاطة الكفار بالمسلمين، والصيحة بأن محمداً قتل، وما صنعته في صفوف المسلمين وعزائمهم.
وفي هذه الغمرة التي يطيش فيها الحليم كانت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية تقاتل عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قتالا شديدا. وقد ضربت عمر بن قميثة بسيفها ضربات عدة، ولكن وقته درعان كانتا عليه. وضربها هو بالسيف فجرحها جرحاً شديداً على عاتقها..
وكان أبو دجانة يترّس بظهره على النبي- صلى الله عليه وسلم- والنبل يقع فيه، وهو لا يتحرك، ولا يكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان طلحة بن عبيد الله يثوب سريعاً إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويقف دونه وحده، حتى يصرع.. في صحيح ابن حبان عن عائشة قالت: قال أبو بكر الصديق: لما كان يوم أحد، انصرف الناس كلهم عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فكنت أول من فاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فرأيت بين يديه رجالا يقاتل عنه ويحميه. قلت: كن طلحة! فداك أبي وأمي! كن طلحة! فداك أبي وأمي! فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الجراح. وإذا هو يشتد كأنه طير، حتى لحقني، فدفعنا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فإذا طلحة بين يديه صريعا. فقال صلى الله عليه وسلم: «دونكم أخاكم فقد أوجب» . وقد رُمي النبي- صلى الله عليه وسلم- في وجنته، حتى غابت حلقة من حلق المغفر في وجنته. فذهبت لأنزعها عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال أبو عبيدة: نشدتك الله يا أبا بكر إلا تركتني! قال: فأخذ أبو عبيدة السهم بفيه، فجعل ينضنضه كراهة أن يؤذي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم استل السهم بفيه، فندرت ثنية أبي عبيدة. قال أبو بكر: ثم ذهبت لآخذ الآخر، فقال أبو عبيدة: نشدتك الله يا أبا بكر إلا تركتني! قال: فأخذه، فجعل ينضنضه حتى استله، فندرت ثنية أبي عبيدة الأخرى.. ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «دونكم أخاكم فقد أوجب» قال: فأقبلنا على طلحة نعالجه. وقد أصابته بضع عشرة ضربة.
وجاء علي- كرم الله وجهه- بالماء لغسل جرح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فكان يصب الماء على الجرح، وفاطمة- رضي الله عنها- تغسله. فلما رأت أن الدم لا يكف، أخذت قطعة من حصير، فأحرقتها، فألصقتها بالجرح فاستمسك الدم.
وقد مصّ مالك والد أبي سعيد الخدري جرح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى أنقاه. فقال له:
«مجه» فقال: والله لا أمجه أبداً! ثم ذهب، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا» ..
وفي صحيح مسلم أنه- صلى الله عليه وسلم- أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش. فلما رهقوه قال: «من يردهم عني وله الجنة؟» فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قتل. ثم رهقوه فقال:
«من يردهم عني فله الجنة وهو رفيقي في الجنة» .. فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «ما انصفنا أصحابنا» .. ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه. وترس عليه أبو دجانة بظهره كما أسلفنا، حتى انجلت الكربة.. وقد بلغ الإعياء برسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه وهو يصعد الجبل والمشركون يتبعونه أراد أن يعلو صخرة فلم يستطع لما به، فجلس طلحة تحته حتى صعدها. وحانت الصلاة.
فصلى بهم جالساً.
ومن أحداث هذا اليوم كذلك:
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 464