نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 465
إن حنظلة الأنصاري (الملقب بحنظلة الغسيل) شد على أبي سفيان، فلما تمكن منه حمل على حنظلة شداد ابن الأسود فقتله. وكان جنباً. فإنه لما سمع صيحة الحرب وهو مع امرأته، قام من فوره إلى الجهاد. فأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن الملائكة تغسله. ثم قال: سلوا أهله ما شأنه؟ فسألوا امرأته، فأخبرتهم الخبر! وقال زيد بن ثابت: بعثني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم أحد أطلب سعد بن الربيع. قال:
فجعلت أطوف بين القتلى، فأتيته وهو بآخر رمق، وبه سبعون ضربة، ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم. فقلت: يا سعد. إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ عليك السلام، ويقول لك:
أخبرني كيف تجدك؟ فقال: وعلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- السلام. قل له: يا رسول الله أجد ريح الجنة. وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خُلص إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفيكم عين تطرف.. وفاضت نفسه من وقته.
ومن رجل من المهاجرين برجل من الأنصار، وهو يتشحط في دمه، فقال: يا فلان. أشعرت أن محمداً قد قتل؟ فقال الأنصاري: إن كان محمد قد قتل فقد بلغ، فقاتلوا عن دينكم.
وقال عبد الله بن عمرو بن حرام: رأيت في النوم، قبل أُحد، مبشر بن عبد المنذر يقول لي: أنت قادم علينا في أيام. فقلت. وأين أنت؟ فقال: في الجنة، نسرح فيها حيث نشاء. قلت له ألم تقتل يوم بدر؟ فقال: بلى. ثم أحييت. فذكرت ذلك لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: «هذه الشهادة يا أبا جابر» ..
وقال خيثمة- وكان ابنه قد استشهد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم بدر: لقد أخطأتني وقعة بدر، وكنت والله عليها حريصاً، حتى ساهمت إبني في الخروج، فخرج سهمه، فرزق الشهادة. وقد رأيت البارحة ابني في النوم في أحسن صورة، يسرح في ثمار الجنة وأنهارها يقول: الحق بنا ترافقنا في الجنة، فقد وجدت ما وعدني ربي حقاً. وقد- والله يا رسول الله- أصبحت مشتاقاً إلى مرافقته في الجنة. وقد كبرت سني، ورق عظمي، وأحببت لقاء ربي. فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة، ومرافقة سعد في الجنة.
فدعا له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذلك. فقتل بأحد شهيداً.
وقال عبد الله بن جحش في ذلك اليوم: اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غداً، فيقتلوني، ثم يبقروا بطني، ويجدعوا أنفي وأذني. ثم تسألني فيم ذلك؟ فأقول: فيك! وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج، وكان له أربعة بنين شباب، يغزون مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا غزا. فلما توجه إلى أحد أراد أن يتوجه معه، فقال له بنوه: إن الله قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك! وقد وضع الله عنك الجهاد. فأتى عمرو بن الجموح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله. إن بنيّ هؤلاء يمنعونني أن أخرج معك. والله إني لأرجو أن استشهد، فأطأ بعرجتي هذه في الجنة. فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد» .
وقال لبنيه: «وما عليكم أن تدعوه؟ لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة؟» .. فخرج مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقتل يوم أحد شهيداً.
وفي مضطرب المعركة نظر حذيفة بن اليمان إلى أبيه والمسلمون يريدون قتله، لا يعرفونه، وهم يظنونه من المشركين. فقال حذيفة: أي عباد الله، أبي. فلم يفهموا قوله حتى قتلوه. فقال: يغفر الله لكم. فأراد
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 465