نام کتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر نویسنده : فهد الرومي جلد : 1 صفحه : 44
بدأت الحروب الصليبية الواحدة بعد الأخرى وكان العالم الإسلامي في حالة ضعف وتفكك, فكان لهذه الحروب أثرها حيث نقلت الحضارة الإسلامية إلى بلاد الإفرنج متمثلة بالكتب والمؤلفات في شتى العلوم والمعارف, وحتى تدرك أبعاد هذا الأثر يكفي أن تعلم أن نقل هذه العلوم بث الحياة العلمية وأوقد نارها, فكثر طلابها وكثرت النظريات والاكتشافات العلمية ووقع الصدام بين العلم والكنيسة, ولم يزل إلى أن قامت الثورة على الكنيسة بعد ذلك.
أما أثر هذه الحروب داخل العالم الإسلامي, فقد أشغلته عن العلم وطلبه؛ لأن الحرب في أرضه وفي دياره خلاف الإفرنج الذين كانت ديارهم بعيدة عن أتون الحرب وسعارها.
أضف إلى ذلك إن شئت الحروب التي عاناها العالم الإسلامي بعد ذلك من هجمات المغول وسقوط الدولة العباسية والمذابح التي ارتكبت والمجازر التي انتشرت, زد على هذا القضاء على الفكر بإحراق الكتب وإغراقها في نهر دجلة, حتى صارت جسرا يعبر عليه المعتدون.
هذه ولا شك أمور لها أثرها في إنهاك الشعوب الإسلامية والشعوب كالأفراد يصيبها ما يصيبهم, والفرد إذا أنهكت قواه ركن إلى الاستسلام وطلب الراحة, وقد يستغرق في نوم عميق. وقد كانت هذه حال العالم الإسلامي.
وكما يدخل اللصوص الدار إذا نام صاحبها, دخل المستعمرون العالم الإسلامي وهو يغط في نومته هذه، فسلبوا خيرات البلاد الإسلامية وسخروا أهلها وهم نيام لتحقيق مآربهم وأهدافهم, وبثوا أفكارهم وسمومهم حتى ألفت طائفة النوم وأزعجها الضجيج فوضعت في آذانها العجين وباتت في نوم كالموت، بل هو أشد.
وأبت طائفة النوم ولم يقر لها قرار ولم يطب لها مضجع ولم يغمض النوم لها جفنا, فأخذت على عاتقها عبء هذه الرسالة والقيام بهذه الأمانة, فلم يزالوا في كفاح وجهاد, ولم يزالوا يصرخون في النائمين حتى استيقظ الجميع أو أكثرهم.
وكانت النهضة الإسلامية الحديثة متمثلة في مظاهر شتى في مختلف أرجاء
نام کتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر نویسنده : فهد الرومي جلد : 1 صفحه : 44