responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 325
فَيُقَالُ لَهُ: إذَا اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْفَرِيضَةِ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ لِلْعُمْرَةِ كَانَ لَهَا مِيقَاتٌ كَمِيقَاتِ الْحَجِّ وَهِيَ تَطَوُّعٌ، فَشَرْطُ الْمِيقَاتِ لَيْسَ بِدَلَالَةٍ عَلَى الْوُجُوبِ، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ التَّطَوُّعُ لَهُ مِيقَاتٌ كَمِيقَاتِ الْوَاجِبِ.
وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِوُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْقَارِنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَكِنْ ادَّعَى دَعْوَى عَارِيَّةً مِنْ الْبُرْهَانِ; وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُنْتَقِضٌ لِأَنَّهُ لَوْ قَرَنَ حَجَّةَ فَرِيضَةٍ مَعَ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ لَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ، فَكَذَلِكَ لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَهُمَا نَافِلَتَانِ لَوَجَبَ الدَّمُ.
قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} قَالَ الْكِسَائِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْإِحْصَارُ الْمَنْعُ بِالْمَرَضِ أَوْ ذَهَابُ النَّفَقَةِ، وَالْحَصْرُ حَصْرُ الْعَدُوِّ، وَيُقَالُ: أَحَصَرَهُ الْمَرَضُ وَحَصَرَهُ الْعَدُوُّ. وَحُكِيَ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ أَجَازَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ، وَأَنْكَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ وَالزَّجَّاجُ وَقَالَا: هُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الْمَعْنَى، وَلَا يُقَالُ فِي الْمَرَضِ حَصَرَهُ وَلَا فِي الْعَدُوِّ أَحْصَرَهُ. قَالَا: وَإِنَّمَا هَذَا كَقَوْلِهِمْ حَبَسَهُ: إذَا جَعَلَهُ فِي الْحَبْسِ، وَأَحْبَسَهُ: أَيْ عَرَّضَهُ لِلْحَبْسِ، وَقَتَلَهُ: أَوْقَعَ بِهِ الْقَتْلَ، وَأَقْتَلَهُ: أَيْ عَرَّضَهُ لِلْقَتْلِ، وَقَبَرَهُ: دَفَنَهُ فِي الْقَبْرِ، وَأَقْبَرَهُ: عَرَّضَهُ لِلدَّفْنِ فِي الْقَبْرِ; وَكَذَلِكَ حَصَرَهُ: حَبَسَهُ وَأَوْقَعَ بِهِ الْحَصْرَ، وَأَحْصَرَهُ: عَرَّضَهُ لِلْحَصْرِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا حَصْرَ إلَّا حَصْرُ عَدُوٍّ، فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ اللَّهُ بِكَسْرٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَيْسَ بِحَصْرٍ فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْحَصْرَ يَخْتَصُّ بِالْعَدُوِّ وَأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُسَمَّى حَصْرًا; وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى الِاسْمِ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحِلَّ وَلَا يَكُونُ مُحْصَرًا; وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ظَنَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ مَعْنَى الِاسْمِ وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْ مَعْنَى الْحُكْمِ، فَأَعْلَمَ أَنَّ اسْمَ الْإِحْصَارِ يَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ وَالْحَصْرُ يَخْتَصُّ بِالْعَدُوِّ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي حُكْمِ الْمُحْصَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءَ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ: "الْعَدُوُّ وَالْمَرَضُ سَوَاءٌ يَبْعَثُ بِدَمٍ وَيَحِلُّ بِهِ إذَا نَحَرَ فِي الْحَرَمِ" وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ. وَالثَّانِي: قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: إنَّ الْمَرِيضَ لَا يَحِلُّ وَلَا يَكُونُ مُحْصَرًا إلَّا بِالْعَدُوِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ. وَالثَّالِثُ: قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: إنَّ الْمَرَضَ وَالْعَدُوُّ سَوَاءٌ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالطَّوَافِ وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا مُوَافِقًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَمَّا ثَبَتَ بِمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ اسْمَ الْإِحْصَارِ يَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ، وَقَالَ اللَّهُ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست