responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 326
مُسْتَعْمَلًا فِيمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ وَهُوَ الْمَرَضُ، وَيَكُونَ الْعَدُوُّ دَاخِلًا فِيهِ بِالْمَعْنَى. فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ أَجَازَ فِيهِمَا لَفْظَ الْإِحْصَارِ. قِيلَ لَهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ كَانَتْ دَلَالَةُ الْآيَةِ قَائِمَةٌ فِي إثْبَاتِهِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ وُقُوعَ الِاسْمِ عَلَى الْمَرَضِ، وَإِنَّمَا أَجَازَهُ فِي الْعَدُوِّ، فَلَوْ وَقَعَ الِاسْمُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ لَكَانَ عُمُومًا فِيهِمَا مُوجِبًا لِلْحُكْمِ فِي الْمَرِيضِ وَالْمَحْصُورِ بِالْعَدُوِّ جَمِيعًا. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ تَخْتَلِفْ الرُّوَاةُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَمْنُوعِينَ بِالْعَدُوِّ، فَأَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ بِالْإِحْلَالِ مِنْ الْإِحْرَامِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ هُوَ الْعَدُوُّ قِيلَ لَهُ لَمَّا كَانَ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ هُوَ: الْعَدُوَّ، ثُمَّ عَدَلَ عَنْ ذِكْرِ الْحَصْرِ وَهُوَ يَخْتَصُّ بِالْعَدُوِّ إلَى الْإِحْصَارِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إفَادَةَ الْحُكْمِ فِي الْمَرَضِ لِيُسْتَعْمَلَ اللَّفْظُ عَلَى ظَاهِرِهِ; وَلَمَّا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بِالْإِحْلَالِ وَحَلَّ هُوَ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ حَصْرَ الْعَدُوُّ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، فَكَانَ نُزُولُ الْآيَةِ مُفِيدًا لِلْحُكْمِ فِي الْأَمْرَيْنِ. وَلَوْ كَانَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى تَخْصِيصَ الْعَدُوِّ بِذَلِكَ دُونَ الْمَرَضِ لَذَكَرَ لَفْظًا يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ; وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ اسْمًا لِلْمَعْنَيَيْنِ لَمْ يَكُنْ نُزُولَهُ عَلَى سَبَبٍ مُوجِبًا لِلِاقْتِصَارِ بِحُكْمِهِ عَلَيْهِ، بَلْ كَانَ الْوَاجِبُ اعْتِبَارَ عُمُومِ اللَّفْظِ دُونَ السَّبَبِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدِّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حَجَّاجِ الصَّوَّافِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ" قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَا: صَدَقَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ "فَقَدْ حَلَّ" فَقَدْ جَازَ لَهُ أَنْ يَحِلَّ، كَمَا يُقَالُ: حَلَّتْ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ، يَعْنِي جَازَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ.
فَإِنْ قِيلَ: رَوَى حَمَّادُ وَابْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحْصَرِ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ: فَإِذَا بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ وَقَالَ: رَضِيَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْقَصَاصِ مِنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ الْعَدُوَّ أَنَّ عَلَيْهِ حَجًّا مَكَانَ حَجٍّ وَإِحْرَامًا مَكَانَ إحْرَامٍ. فَزَعَمَ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَ عِكْرِمَةَ هَذَا الْحَدِيثُ لَمَا كَانَ قَالَ: يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ وَلَقَالَ: يَحِلُّ كَمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ. وَهَذَا الْقَائِلُ إنَّمَا غَلَطَ حِينَ ظَنَّ أَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: حَلَّ وُقُوعُ الْإِحْلَالِ بِنَفْسِ الْإِحْصَارِ; وَلَيْسَ هُوَ كَمَا ظَنَّ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَحِلَّ كَمَا ذَكَرْنَا مِثْلَهُ فِيمَا يُطْلِقُهُ النَّاسُ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَلَّتْ الْمَرْأَةُ لِلْأَزْوَاجِ يُرِيدُونَ بِهِ: قَدْ جَازَ لَهَا أَنْ تَحِلَّ بِالتَّزْوِيجِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْمُحْصَرَ بِالْعَدُوِّ لَمَّا جَازَ لَهُ الْإِحْلَالُ لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ إلَى

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست