الوجه الأول:
الإشارة إليها بـ {تِلْكَ} حيث عدل سبحانه عن الإشارة إلى المفرد الحاضر إلى الإشارة إلى الجمع الغائب لإرادة جنس الأمثال القرآنية، وذلك أن كِلْتا الآيتين جاءت بعد سوق مثل من أمثال الإيمان، فبدل أن يقول: وهذا المثل أو هذه الأمثال قال: {تِلْكَ الأمْثَالُ} وفي ذلك سر بلاغي، وهو:
الإشارة إلى علو شأنها وبعدها عن غيرها من الكلام وتميزها وتفردها بالمعاني العظيمة والحكم البالغة، كيف لا وهي جزء من كلام اللَّه عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وهذا المعنى هو المعتبر - واللَّه أعلم - في قوله تعالى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [1] حيث عبر بـ "ذلك" بدل "هذا".
قال الراغب الأصفهاني:
"ويقال بإزاء "هذا" في المستبعد بالشخص أو المنزلة: (ذاك) أو (ذلك) قال تعالى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [2]. [1] سورة البقرة الآيتان رقم (1، 2) . [2] المفردات في غريب القرآن، ص (183) .