و"مِثْل" بمعنى "وصف" إذا التقيا مع كاف التشبيه، واضطراد ذلك في كل نظير في القرآن الكريم، لم يتبين لي ما يعكره، وهو لا يتعارض مع المعاني المأثورة عن السلف في تفاسير تلك الآيات، بل يتفق مع كثير منها.
ويؤيد هذا وجود تداخل كبير بين معنى "المثَل" ومعنى "الوصف" وذلك أن التمثيل إِنما يورد لبيان أوصاف الممثَّل له بمقايستها بأوصاف الممثَّل به، والذي يسوق المثل أو التشبيه إنما يريد وصف المشبَّه أو الممثَّل له.
فمن أراد - مثلاً - وصف شخص بالشجاعة، فهو مخير بين أن يعبر عن ذلك بخبر، فيقول: فلان شجاع.
أو بمثال أو تشبيه، فيقول:
فلان مثل الأسد. أو: هو كمثل الأسد.
فالقصد الأساس من التشبيه أو التمثيل هو الوصف، ولذلك كان من أركان القياس والتشبيه - ومنها الأمثال القياسية - الوصف المشترك الذي هو العلة الجامعة بين الفرع والأصل[1]، وكان من الاجتهاد تنقيح المناط[2] باستخراج الأوصاف غير المؤثرة في الحكم والقياس، وتخريج [1] انظر: روضة الناظر وجنة المناظر، لابن قدامة، مع شرحها: نزهة الخاطر العاطر، لعبد القادر بن أحمد بدران الدومي، (2/228، 229) . [2] تنقيح المناط: "هو أن يضيف الشارع الحكم إلى سببه، فيقترن به أوصاف لا مدخل لها في الإضافة، فيجب حذفها من الاعتبار". نفس المرجع ص (32) .