نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 113
إن التكوين الموسيقي للجملة هنا يزيد على التموج العمق والسعة، وفيه كذلك هول وشجى. إنها موسيقى الطوفان:
{وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ، قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} .
إن التكوين الموسيقي للجملة ليذهب طولا وعرضًا في عمق وارتفاع، ليشترك في رسم الهول العريض العميق. والمدات المتوالية المتنوعة في التكوين اللفظي للآية تساعد في إكمال الإيقاع، وتكوينه واتساقه مع جو المشهد الرهيب العميق.
ونخاطر مرة أخرى، فنعرض لونًا ثالثًا لنموذج الموسيقى، مع اختلاف تموجها واتجاهها:
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي} .
فليرتل القارئ هذه الآيات بصوت مسموع، ليدرك تلك الموسيقى الرخية المتماوجة. إنها تشبه الموجة الرخية في ارتفاعها لقمتها وانبساطها إلى نهايتها؛ في هدوء واطمئنان، يتفقان مع جو الطمأنينة في المشهد كله. ولعل لتوازن المد إلى أعلى بالألف، وإلى أسفل بالياء على التوالي، شأنًا في هذا التموج، ولكنه ليس كل الشأن، فهو يفسر الأوزان لا الألحان. يفسر الاتزان الخارجي في النغمة لا الروح الداخلي فيها. ذلك الروح مرده إلى خصائص غامضة في
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 113