نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 115
أن نقول: إن القواعد الأولية للرسم تحتم أن تكون هناك وحدة بين أجزاء الصورة، فلا تتنافر جزئياتها.
وثانيًا: توزيع أجزاء الصورة -بعد تناسبها- على الرقعة بنسب معينة حتى لا يزحم بعضها بعضًا، ولا تفقد تناسقها في مجموعها.
وثالثا: اللون الذي ترسم به، والتدرج في الظلال، بما يحقق الجو العام المتسق مع الفكرة والموضوع.
والتصوير بالألوان يلاحظ هذا التناسق كما يلاحظ "التوزيع" في المشاهد المسرحية والسينمائية. والتصوير في القرآن يقوم على أساسه، وإن كان وسيلته الوحيدة هي الألفاظ؛ وبذلك يسمو الإعجاز فيه على تلك المحاولات:
1- خذ سورة من السور الصغيرة التي ربما يحسب البعض أنها شبيهة بسجع الكهان أو حكمة السجاع. خذ سورة "الفلق".
فما الجو المراد إطلاقه فيها؟ إنه جو التعويذة، بما فيه من خفاء وهيمنة وغموض وإبهام. فاسمع:
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} .
فما الفلق الذي يستعيذ بربه؟ نختار من معانيه الكثيرة معنى الفجر؛ لأنه أنسب في الاستعاذة به من ظلام ما سيأتي: مما خلق، ومن الغاسق، والنفاثات، والحسد؛ ولأن فيه إبهامًا خاصًّا سنعلم حكمته بعد قليل.
يعوذ برب الفجر {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} هكذا بالتنكير وبما الموصولة الشاملة. وفي هذا التنكير والشمول يتحقق الغموض والظلام
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 115