نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 211
فهذا هو المشهد الثاني -عودة الغائب- وهو يعلم حزم الملك وشدة بطشه فهو يبدأ حديثه بمفاجأة يعدها للملك تبرر غيبته، وافتتاحها يضمن إصغاء الملك إليه: "أحطت بما لم تحط به، وجئتك من سبأ بنبأ يقين". فأي ملك لا يستمع، وأحد رعيته الصغار يقول له: "أحطت بما لم تحط به! " ثم ها هو ذا الغائب يعرض النبأ مفصلا، وإنه ليحسن إصغاء الملك له، واهتمامه بنبئه؛ فهو يطنب فيه، وهو يتفلسف، فينكر على القوم: "ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض". وإنه حتى هذه اللحظة لفي موقف المذنب، فالملك لم يرد عليه بعد. فهو يلمح بأن هناك إلهًا "هو رب العرش العظيم" ليطامن الملك من عظمته الإنسانية، أمام هذه العظيمة الإلهية!
{قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} .
فهذا هو المشهد الثاني في شطره الأخير. فيه الملك الحازم العادل. فالنبأ العظيم لم يستخف "الملك" وهذا العذر لم ينه قضية الجنيد المخالف للنظام، والفرصة مهيأة للتحقيق، كما يصنع "النبي" العادل، والرجل "الحكيم".
ثم ها نحن أولاء -النظارة- لا نعلم شيئًا مما في الكتاب، إن شيئًا منه لم يذع قبل وصوله إلى الملكة! فإذا وصل فهي التي تذيعه. ويبدأ المشهد الثالث:
{قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ، إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} .
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 211