نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 99
فالصورة الحاضرة هنا هي صورة الإنسان "الخصيم المبين"، والصورة الماضية هي صورة النطفة الحقيرة. وبين الصورتين مسافة بعيدة يراد إبرازها لبيان هذه المفارقة في تصرف الإنسان. ولهذا جعل الصورتين متقابلتين، وأغفل المراحل بينهما، لتؤدي المفارقة الواضحة هذا الغرض الخاص. بالتقابل التخييلي بين حال وحال.
ومنه قوله:
{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا، إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا، وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} .
فالمقابلة هنا بين صورة "أولي النعمة" الحاضرة، وصورة الطعام ذي الغصة المتخيلة، فها قيمتها الفنية بجانب قيمتها الدينية.
ومنه:
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ، الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ، يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ، كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ، نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} .
فصورة الهمزة اللمزة الذي يهزأ بالناس ويلمزهم، والذي جمع مالا وعدده، صورة هذا المتعالي الساخر، تقابلها صورة "المنبوذ" والمنبوذ في "الحطمة" التي تحطم كل ما يلقى إليها، فتحطم كبرياءه وقوته وجاهه، وهي النار "تطلع" على فؤاده، الذي يبعث منه الهمز واللمز، ويخفي فيه التعاظم والكبرياء. وتكملة لصورة المنبوذ المحطم المهمل: هذه الحكمة مقفلة عليه لا ينفذ منها أحد، ولا يسأل عنه فيها أحد.
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 99