نام کتاب : العزف على أنوار الذكر نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 253
ويحترس " سيد قطب " من أن تحسب أنّ كلمة " أخرى" و" إذن" تجردتا لتعديل النغم، وليس من وراء ذلك ما يسدي إلى المعنى المتعقل فائدة، فيقرر:" لايعني هذا أنَّ كلمة (الأخرى) وكلمة (إذن) زائدتان لمجرد القافية والوزن، فهما ضروريتان في السياق لنكت معنوية خاصّة، وتلك ميزة فنية أخرى: أن تأتي اللفظة لتؤدي معنى السياق، وتؤدي تناسبًا في الإيقاع، دون أن يطغَى هذا على ذاك أو يخضع النظم للضرورات " (1)
وهويقرر مثل هذا في مفتتح تدبُّره السورة قائلا:
«هذه السورة في عمومها كأنَّها منظومة موسيقية علوية، منغّمة، يسري التنغيم في بنائها اللفظيّ كما يسري في إيقاع فواصلها الموزونة المقفاة،ويلحظ هذا التنغيم في السورة بصفة عامة.
ويبدو القصد فيه واضحًا في بعض الموضع، وقد زيدت لفظة، أو اختيرت قافية لتضمن سلامة التنغيم ودقة إيقاعه – إلى جانب المعنى المقصود الذي تؤديه في السياق كما هي عادة التعبير القرآني – مثل ذلك قوله: {أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} قلو قال:" ومناة الأخرى" ينكسر الوزن، ولو قال: " ومناة الثالثة " فقط يتعطّل إيقاع القافية، ولكلّ كلمة قيمتها في معنى العبارة، ولكنّ مراعة الوزن والقافية كذلك ملحوظة، ومثلها كلمة (إذن) في وزن الآيتين بعدها: {أََلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَة ضِيزَى} فكلمة (إذن) ضروريَّة للوزن، وإن كانت – مع هذا – تؤدي غرضًا فنيًا في العبارة " (2)
ويؤكد هذا في تدبره قول الله - جل جلاله - في السورة نفسها: {أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى} فينظر تقديم (الآخِرَة) على (الأُولَى) فيقرر أنّه تقديم يحمل عطاءين: المعنى المتعقّل، والإيقاع:
(1) - التصوير الفني في القرآن: 104
(2) - في ظلال القرآن: 3404
نام کتاب : العزف على أنوار الذكر نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 253