وعن قوله عز وجل: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [1] فأمر الله عز وجل: نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم ويصفح حتى يأتي الله بأمره ولم يؤمر يومئذ بقتالهم فأنزل الله عز وجل: في براءة فأتى الله فيها بأمره وقضائه فقال {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} إلى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [2] فنسخت هذه الآية ما كان قبلها وأمر فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يفدوا بالجزية[3].
وعن قوله عز وجل: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [4] فأمر الله عز وجل: نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يقاتلهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدأوا فيه بقتال[5].
وقال في آية أخرى {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [6] كان القتال فيه كبيراً كما قال الله عز وجل: فنسخ هاتين الآيتين في براءة {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [7] وقال عز وجل: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} يعني بالكافة جميعا {كَمَا [1] البقرة 109. [2] التوبة "براءة" 29. [3] ينظر ابن حزم 123. النحاس 26، ابن سلامة 12، مكي 108، ابن الجوزي 199، العتائقي 28، ابن المتوج 38. [4] البقرة 191. [5] نقل مكي قول قتادة 131. وينظر أيضا: ابن حزم 124، االنحاس 26، ابن سلامة 19، ابن الجوزر 200، العتائقي 33، ابن المتوج 55. [6] البقرة 217. [7] التوبة 5.