ثم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والبذل والتضحية في سبيل الله؟ ... إلك البيان مفصلًا:
الصبر حين البأس "178- 182":
لا تحسبنه هنا صبرًا على الجروح والقروح في الحرب، فذلك معنى سلبي استسلامي؛ ولا تحسبنه صبرًا في البطش والفتك بالأعداء. فذلك جهد عملي إيجابي حقًّا. ولكن مرده إلى قوة العضل والعصب. لا إلى قوة الخلق والأدب "ليس الشديد بالصرعة، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب"[1].. هكذا سيختار الله لنا من مثل الصبر أمثلها، ومن موازينه أوزنها في معايير القيم، ذلك هو ضبط النفس حين البأس، كفًّا لها عن الاندفاع وراء باعثة الانتقام، وردعًا لها عن الإسراف في القتل. ووقوفًا بها عند حد التماثل والتكافؤ العادل "القصاص 178- 179": {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
وإذ كان تداعي المعاني يسوقنا من الحديث عن القتلى إلى الحديث عمن هم بشرف الموت، ناسب تتميم الكلام ببيان ما يجب على المحتضر من الوصية لأقاربه برًّا بهم "الوصية 180- 182" {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ، فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . [1] البخاري عن أبي هريرة، ك/ الأدب، ب/ الحذر من الغضب "5649"، ومسلم عن أبي هريرة، ك/ البر والصلة والآداب، ب/ فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء "4723".