responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم    جلد : 1  صفحه : 230
البشر يتكرر في كل زمان ومكان وفي كل حال لم تهذب بإشراقة الإيمان، ولقد ظن هذا الظن قارون عندما قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 87] .
لقد أخذه البطر والأشر والتكبر على عباد الله فالتقى صاحبه الفقير وهو في زينته ليحاوره ويقول له: "أنا أكثر منك مالًا وأعز نفرًا" لم يقف به الغرور والبطر عند التكبر على عباد الله وكسر قلوب الفقراء بل تجاوز ذلك إلى حين يفقد توازنه في الحكم على الأشياء وأن يضفي صفات كاذبة على ما بين يديه من المال والثراء فزعم لها البقاء والخلود: {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} ، ولكنه تذكر أن السنة الجارية على الأحياء أن لا يخلد استمتاعهم بمالهم وأولادهم فإما أن تفارقهم أو يفارقوها بالموت، يا هل ترى ما المصير عندئذ؟!
إن تذكر الموت وتصور الحياة الأخرى والحساب والجزاء، مما يقض مضجع المترفين البطرين الأشرين، لذا يحاولون إلقاء حجب كثيفة بينهم وبين الاعتقاد باليوم الآخر. فقال قولته الملحدة {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} ، ولكن المؤمنين يؤكدون على وجود هذا اليوم، وقد أرسل الرسل بهذه العقيدة، ولم يخل دين سماوي عن هذه العقيدة، فتنازلًا عند كل هذه الأقوال، وافتراضًا لغير الواقع يفترض وجود هذا اليوم افتراضًا فلو وجد هذا اليوم وبعث يوم القيامة، فلأنه ذو مواهب خاصة، وطاقات نادرة، ومزايا ذاتية فسيجد عند ربه خيرًا مما آتاه في الدنيا، يقول ذلك عجرفة وتهكمًا بصاحبه وبما يعتقده. إنها النفس الأمارة بالسوء، المغرورة بالقيم الزائفة المتبعة لهواها، قد أبطرتها النعمة وأذهلتها الثورة وأسرتها الوجاهة. إلا أن صاحبه المعتز بإيمانه بربه، الذي ينظر بنور الله، ويحكم على الأشياء بميزان العقيدة ولا تبهره المظاهرة البراقة المخادعة يجابهه بالحق، ويذكره بحقيقته، وحقيقة ما هو فيه لقد بدأ الانحراف في صاحب الجنتين من داخل نفسه ومرورًا بالمال وكثرة الرجال {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} .
فليذكر له صاحبه الدواء والعلاج والتقويم من داخل نفسه أيضًا إن نفسه المتكبرة المتجبرة المتعالية على العباد ما هي إلا مستلة من التراب المهين الذي يداس بالأقدام، ثم من النطفة القذرة التي يستحيي من إظهارها أو الحديث عنها،

نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست