نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 231
ولولا رحمة الله بالناس، والنفخة الربانية التي نفخها فيها لما كان لها شأن ولا قيمة، فكيف ينسى المرء أصله ومنشأة والعناية الربانية به {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} .
إن هذه الحقائق العظمى ينبغي أن لا تنسى، ولا يليق بعاقل أن يغفل عنها ويخرجها من حسبانه في النظر إلى الحياة والناس والمال والمتع، لقد جرت سنة الله سبحانه وتعالى في الخلق أن يدخل السرور إلى القلب وتنتعش النفس إذا تيسرت لها سبل المعيشة وحصل على زينة الحياة الدنيا، إلا أن ذلك لا يخرجها عن طبيعتها ولا يعطيها قيمة أعظم من قيمتها {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ، قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 14-17] .
فعلى ضوء هذه الحقائق كان عليه أن يدخل جنته ويحمد الله الذي أنعم عليه بها من غير حول منه ولا قوة، ولو عرف حق الله عليه فيها فأنفق منها في وجوه الخير والبر، لكانت له مزية على غيره، ولعرف الناس فضله ومكانته، "إن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم فقال: "وما ذاك؟ " قالوا: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحدًا أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة"، قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 231