responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 220
على الفتية الذين فروا بدينهم منذ ثلاثة قرون فتلقوهم بالحفاوة والتكريم حين عرفوهم من زميلهم الذي جاء السوق يشتري الطعام، ثم يتوفى الله أصحاب الكهف حقا في أجلهم المحتوم، فيتنافس مواطنوهم في تكريمهم بعد موتهم وينتهون -بعد نزاع طويل- إلى بناء معبد فوق أضرحتهم، تخليدا لذكراهم المجيدة، ورقدتهم العجيبة[1].
وهذه القصة القرآنية -على إيغالها في الغرابة- ليست أعجب ما في الكون من آيات وأحداث، وقد صور القرآن لوحاتها الثلاث -بكل غرائبها- ضمن هذا الإطار الذي يستصغر أحداثها كلها ما دامت يد القدرة الإلهية صالحة للتعلق بها وتدبيرها. وتأكيدا لهذه الفكرة، مهد القرآن لوقائع هذه القصة بقوله الصريح: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ [2] كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} وجواب هذا الاستفهام ينطق بأن أصحاب الكهف لم يكونوا أعجب آيات الله[3]: فإنهم فتية آمنوا بربهم، واعتزوا بإيمانهم، ودعوا قومهم بقوة إلى التوحيد، واستنكروا عبادتهم الآلهة من دون الله، فما ضاق الكفر بهم ذرعا هيأ الله لهم من رحمته كنفا، وآواهم إلى الكهف, وأنسأ فيه آجالهم، وأطال فيه رقادهم، وجعل في طول رقدتهم -على غير ما ألفه الناس- آية من آياته وإن لم تكن أعظم الآيات!
والقرآن حريص -من خلال هذه الأقصوصة- على تصحيح عقائد المؤمنين في شئون الغيب: فهو يومئ إلى خوض الناس فيها وتضخيمهم أحداثها جيلا فجيلا، ورجمهم بالغيب في تعيين عدد أبطالها، ويوجه المؤمنين إلى ترك المراء فيما لا يعنيهم، وينهاهم عن استفتاء أهل الكتاب وغيرهم

[1] قارن بالكشاف 2/ 384.
[2] اختلف أهل التأويل في المراد بالرقيم، فقال بعضهم: اسم قرية أو واد, وقال بعضهم: بل هو جيل أصحاب الكهف، وقال آخرون: إنه لوح من حجارة كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف، وصرح إمام المفسرين الطبري بأن الرأي الأخير هو "أولى الأقوال بالصواب" تفسير الطبري 15/ 132.
[3] وذلك ما فهمه أهل التأويل. وانظر الروايات عنهم في هذا الصدد 15/ 130.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست